لنفسه، وسئل عن ذلك فقال: أنظر لغيري بحوارح سليمة من الهوى، وأميل في رأى نفسي إلى ما أشتهي. قال فتفقد إبراهيم ذلك، فانصرف قبل جعفر، فوقف له خلف حائط في طريق جعفر ومعه غلام واحد، وصرف سائر غلمانه وأمر بإطفاء شموعه، فانصرف جعفر، فلما صار بذلك الموضع عدا وحده وصاح يا خليلي، فأجابه إبراهيم وقال: من أين علمت أني ها هنا. وإنما قدرت أن أؤذنك بموقفي؟ فقال له جعفر علمت أنك لا تنصرف إلى منزل حتى تعرفني ما أردت وليس في طريقك مكان يخفى فيه أثرك غير هذا الموضع فعلمت أنك فيه، كيف رأيت الرجل؟ قال رأيته يجد إذا هزلت، ويهزل إذا جددت، وهذه نهاية التغيير. فقال صدقت والله يا خليلي، ونحن نستكفي الله بوادره حدثنا عون بن محمد الكندي قال حضرت مع أبي وعمي دار بعض ولد العباس بن محمد لنعزيه على ميت لهم، فجاء إبراهيم بن المهدي فتشوفه الناس وقاموا له وذلك قبل العشرين ومائتين قال ولم أكن رأيته قط، فإذا أنا برجل سمين آدم غليظ الشفة، حسن العين، حسن الأنف، فتكلم في التعزية فأحسن وحفظ الناس كلامه ولم أسمع أنا ما قال حين جاء، ثم نهض فقال تابع الله النعم لديكم، وأحسن العوض لكم، وأخلف عليكم، ولقي الله فلانًا أزكى عمله، وقبل حسنته، وغفر قبيحه حدثنا الحسن بن إسحق قال سمعت حماد بن إسحاق يقول:
1 / 46