Cuatro Cartas de los Antiguos Filósofos Griegos e Ibn Al-Ibri
أربع رسائل لقدماء فلاسفة اليونان وابن العبري
Géneros
وأما الدناءة فأن يدع الرجل الصناعة التي كان آباؤه وأهل بيته يعالجونها من غير عجز عنها إلى صناعة أخس منها، كالرجل يكون آباؤه وأهل بيته إما قادة جيوش، وإما ولاة ثغور، فيدع طلب ذلك وهو يقدر عليه ويقتصر على الغناء والزمر وما أشبه ذلك. ولسنا نقول فيمن كان آباؤه في صناعة خسيسة، فأقام عليها أنه قد أتى دناءة من الأمر أو فعل ما ينبغي أن يذم عليه، لكن نقول إنه محمود إذ رضي بحظه ولم يتعد طوره، ولو تطلب واجبا (كذا) أن يطلب إلى كل إنسان صناعة فوق الصناعة التي ورثه أبوه لوجب أن يقصد الناس كلهم إلى صناعة واحدة، وهي أعلى الصناعات فكان ذلك يبطل سائر الصناعات، وكانت تلك الصناعة أيضا التي يقصدون إليها تبطل؛ لأنها لا تتم إلا بالصناعات الأخر، إذا (إذ) كان الجميع مقرونا بعضه ببعض كما بينا قبل. فهذا ما ينبغي أن ينظر فيه من باب الاكتساب. (2)
وأما باب «الحفظ» فيحتاج فيه إلى خمسة أشياء: أولها: أن لا يكون ما ينفق الإنسان أكثر مما يكتسب، فإنه متى فعل ذلك لم يلبث المال أن يفنى، والثاني: (69) أن لا يكون ما ينفق مساويا لما يكتسب لكن يستفضل ما يكون غدة (عدة) له لحادث إن حدث، أو آفة إن نزلت، أو ضيقة إن كانت، وأيضا فإن من العدل أن يكون لرأس المال حصة من النفقة. ويشبه حال من فعل ذلك حال البدن الذي هو في النشوء والنماء، ويشبه حال من كانت نفقته مساوية لكسبه حال من قد انتهى نشوه وانقطع نموه. فأما حال من ينفق أكثر مما يكتسب فإنها تشبه حال الأبدان الهرمة الذي (التي) لزمها النقص ودب فيها الفناء، وذلك أن البدن الذي هو في النشوء والنماء يغتذي بأكثر مما يتحلل منه، والبدن الذي قد انتهى منتهاه يغتذي بمقدار التحلل، والبدن الذي قد صار إلى الهرم يغتذي بأقل مما ينحل منه. فكما أن البدن الذي قد صار إلى الهرم قريب من الموت، فكذلك المال الذي يؤخذ منه أكثر مما يزاد فيه سريع إلى النفاد، والثالث مما يحتاج إليه في حفظ الأموال أن لا يمد الرجل يده إلى ما يعجز عن القيام به، كالرجل يشغل ماله في ضيعة لا يقوى على عمارتها، أو في ضياع متفرقة لا يمكنه مباشرتها، وليس له من يعينه على القيام بها، أو يتخذ من الحيوان ما يتجاوز النفقة عليه مقدار (70) ما يبقى من ماله، وحال من فعل ذلك يشبه الشره الذي يأكل ما لم يستمرئه. فكما أن من أكل ما لم يستمرئه لم يغذه، بل ربما خرج منه وأخرج معه من بدنه ما يضر به خروجه، فكذلك من تعاطى من الاكتساب ما يتجاوز طاقته كان وشيكا أن لا يفوته الربح فقط دون أن يذهب رأس ماله، والرابع مما يحتاج إليه في حفظ المال أن لا يشغل الرجل ماله في الشيء الذي يبطئ خروجه من يده، وإنما يكون ذلك في الشيء الذي يقل طلابه، وتستغني عوام الناس عنه كالجوهر الذي لا يحتاج إليه إلا الملوك، وكتب العلم التي لا يطلبها إلا العلماء، والخامس مما يحتاج إليه في حفظ المال أن يكون الرجل سريعا إلى بيع تجارته بطيئا عن بيع عقاراته، وإن قل ربحه في ذلك وكثر ربحه في هذا. (3)
وأما «إنفاق» المال فينبغي أن يحذر فيه خمسة أشياء: وهي اللؤم، والتقتير، والسرف، والبذخ، وسوء التدبير، فأما اللؤم فهو الإمساك عن الإنفاق في أبواب الجميل مثل؛ مؤاساة القرابة، والإفضال على الصديق وذي الحرمة، والصدقة في المحاويج بقدر ما يمكنه ويتسع له، وأما التقتير فهو التضييق فيما لا بد منه مثل؛ أقوات العيال ومصالحهم، وأما السرف فهو الانهماك في الشهوات (71) واللذات، وأما البذخ فهو أن يتعدى الرجل ما يتخذه أهل طبقته طلبا للمباهاة، وأما سوء التدبير فهو أن يوزع الرجل نفقته على جميع ما يحتاج إليه بالسوء حتى يصرف إلى كل باب منها بقدر استحقاقه، فإنه إذا لم يفعل ذلك وأسرف في واحد ونقص من الآخر كانت أموره غير مشاكل بعضها بعضا، وأن لا يتخذ الشيء في وقت الحاجة إليه.
فاللئيم يؤتى من قبل أنه لا يعرف الجميل وما فيه من الفضيلة. والمقتر يؤتى من قبل أنه لا يعرف الواجب وما في تركه من النقص. والمسرف من قبل إيثاره اللذة على صواب الرأي. فاللئيم والمقتر ممقوتان عند الله ؛ لأنهما على طرق من الجور، والمقتر خاصة فإنه أجورهما، والمسرف مذموم ممقوت ومن مقته الناس أو ذموه لم يكن له في مجاورتهم خير، ومن لم يجاور الناس فقد صار في عدد الأموات إلا أن صاحب البذخ أسوأ حالا؛ وذلك لأن اللئيم والمقتر وإن كان الناس يمقتونهما فإنهما على حال يربحان حفظ أموالهما، والمسرف وإن كان مذموما فإنه يربح التمتع بلذاته، وأما صاحب البذخ فإنه لا مال له يحفظ ولا لذة يتمتع بها، وأسوأهم جميعا حالا من كان يسيء التدبير، وإنما يؤتى من قبل أنه لا يعرف (72) مقادير النفقة ولا أوقاتها. فمن عرف أبواب الحق اللازم وأوجبها على نفسه واقتصد في الإنفاق على لذاته ولم يتعد ما يفعله أهل طبقته، وعرف مقادير ما يستحق كل باب من الأبواب مما يحتاج إليه وأنفق فيه بقدر استحقاقه، ولم يرد (يزد) في باب فيضطر إلى تقصير في الآخر، وعرف أوقات الحاجة إليه فلا يفسد أو يضيع إلى أن يحتاج إليه، ولم يؤخر شيئا حتى يفوت وقت الحاجة إليه؛ فيصير اتخاذه له بعد ذلك باطلا أو يعز عليه فلا يجده إلا بالغلاء. فمتى لزم الإنسان ما ينبغي من فعل أو تركه حينئذ ينسب إلى الكرم والسخاء والاتساع والمؤاساة والقصد، والحرىة (والحرية؟) وحسن السيرة والعيش. ومن كان كذلك فإذا كانت غلته أو ربح ماله يقوم بنفقته على مصلحة بدنة ومئونة عياله، ويفضل له عن ذلك ما يصرف بعضه في مؤاساة قرائبه وأصدقائه وأهل الحرمة به، وبعضا في فقرائه ومساكينه، ويذخر بعضا ليستظهر به على دهره ونوائبه، فينبغي له أن لا يطلب أكثر من ذلك فإن المطلب لأكثر منه شره، وهذا هو الحد الذي لا ينبغي للحر أن يتعداه فإن تعداه نسب (73) إلى الشره. فهذه حال المال والتدبير في اكتسابه وحفظه وإنفاقه. (1-2) في تدبير العبيد والخدام
وأما العبيد والمماليك
3
فالحاجة إليهم في المنازل كالحاجة إلى جميع الناس في المدن، وقد بينا لأي شيء احتاج الناس إلى أن يتخذوا المدن ويجتمعوا فيها ، والعبيد ثلاثة: عبد الرق، وعبد الشهوة ، وعبد الطبع. فعبد الرق هو الذي أوجبت الشريعة عليه العبودية، وعبد الشهوة هو الذي لا يملك نفسه لغلبة شهواته وخواطره عليه، ومن كان كذلك فهو عبد سوء، وإنسان سوء لا يصلح لشيء. وأما عبد الطبع فهو الذي له بدن قوي صبور على الكد وليس له في نفسه تمييز ولا معه من العقل إلا مقدار ما ينقاد به لغيره، ولا يبلغ به إلى أن يقدر يدبر نفسه، وهو في طبيعته قريب من البهائم التي تصرفها الناس كيف شاءوا، ومن كان كذلك وإن كان حرا فهو عبد، والأصلح له أن يكون عليه رئيس يدبره.
والعبيد يحتاج إليهم لأشياء فمنهم من يراد لتدبير المنزل، ومنهم من يراد للخدمة والمعاطاة، ومنهم من يراد للأعمال الجافية. فينبغي للرجل إذا أراد شرى مملوك أن ينظر إليه فإن كان جمع مع عبودية الرق عبودية الشهوة، فينبغي أن لا يتعرض لشراه، ولا أن يوطن نفسه على قمعه وتقويمه إن طمع في (74) ذلك. ومن اشترى عبدا هذه حاله فقد اشترى عبدا له موال غيره. وإذا كان كذلك فليس هو عبده إلا بالاسم، وإذا كان الإنسان لا يملك نفسه فغيره أحرى بأن لا يملكه، وإن كان المملوك حرا بالطبع وكانت نفسه نفسا قوية وبدنه بدن لطيف (بدنا لطيفا)، فهو ممن يوكل بالتدبير والحفظ، وإن كان حرا بالطبع وكانت نفسه نفسا لينة دليلة (ذليلة) وبدنه بدنا صافيا، فهو ممن يوكل بالخدمة والمناولة، وإن كان عبدا بالطبع وكل بالأعمال التي يحتاج فيها إلى الشدة والصبر.
والعبيد يشبهون بأعضاء البدن الذي (التي) تملك الإنسان أفعالها، أما الموكلون بحفظ المنزل وتدبيره فهم بمنزلة الحواس؛ لأنه بالحواس يعرف ما يضر فيدفع وما ينفع فيجتلب، والموكلون بالخدمة يشبهون باليدين؛ لأن بهما يتوصل إلى إدخال المرفق إلى البدن، والموكلون بالأعمال يشبهون بالرجلين؛ لأن عليهما كل البدن وثقله. فينبغي للرجل أن يحفظ مماليكه كحفظه لأعضائه، وأن يفكر لهم في أمرين: أحدهما الجنس الذي يجمعه وإياهم، والآخر فيما ابتلوا به. فإنه إذا فكر في جنسهم علم أنهم أناس مثله ، ويمكنهم أن يفهموا ما يفهم ويفكروا فيما يفكر فيه، ويشتهوا ما يشتهي ويكرهوا ما يكره، وإنه متى عاملهم على حسب ذلك (75) اكتسب مع الفضيلة التي تصير له في نفسه المحبة ممن يررق (يرزق) الملك عليه، وإذا تفكر فيما ابتلوا به علم أنه لو ابتلي بمثله لأحب أن يرزق مولى يرق عليه ويترفق به.
وإذا جاءت من المملوك الزلات فينبغي للسيد أن يتغافل عنه مرة ويقومه أخرى. ويكون تقويمه إياه أولا بالعتاب والتحذير والإنذار، فإن عاد فبالغضب وإن عاد فبالضرب، ولا يعاقبه على ذنب أتاه من غير معرفة ولا تعمد، ولا يترك عقوبته على ذنب أتاه عن شرارة وخبث، ولا ينبغي إذا أساء المملوك أن يعاقب إلا بمثل ما يعاقب به الولد إذا اشي (أساء) مثل تلك الإساءة. ذلك أصلح للمملوك والولد جميعا.
Página desconocida