وملأه الزهو وهما يغادران المطعم وقد استندت على ذراعه في دلال ... بدت له بثوبها الرائع، وفرائها الثمين، وقامتها البديعة، كصيد فاخر ... صيد لم يبذل في سبيله قذيفة واحدة، وذكر حماقة أصدقائه فضحك في سره، وقالت وهو يودعها: غدا؟ - لا أظن، إني مرتبط بمواعيد غدا وبعد غد، ليكن يوم الأربعاء إذا شئت.
لم يكن مرتبطا بأي موعد، ولكنها السياسة التي رسمها لنفسه، ليذل قاهرة الرجال. كان يريد أن يريها لونا جديدا منهم غير الذي ألفته، لونا يلقاها عندما يريد لا عندما تريد ...
والتقيا يوم الأربعاء، وسارا في الطريق على غير هدى، ووقفت عند متجر للمجوهرات، وأخذت تتأمل الحلى الأنيقة، وأخذ قلبه يعصف بشدة، وأحس أنه مقبل على امتحان عسير. - تعال، أريد أن أرى هذا الخاتم. - أليس الأوفق أن تريه غدا صباحا؟ وفي وضح النهار؟
وانفجرت ضاحكة وقالت: أظننتها مؤامرة؟ اطمئن.
وتملكه الذهول، وهي تخرج من حقيبتها عشرين جنيها، تدفعها للبائع ثمنا لخاتم، وأفاق على صوتها يهيب به: بطاقتك! - من؟ أنا؟ - أجل، ليس لدي ورقة أكتب له فيها عنواني ليرسل إلي الخاتم بعد إعداده، اكتب له عنواني أرجوك!
وأخرج بطاقته وكتب، وعندما غادرا المتجر قال لها: إنك تلقين النقود في الأرض! خاتم من الزجاج بعشرين جنيها؟ هذا جنون! - وماذا أفعل بنقود الحمقى غير إضاعتها في التوافه؟
وكانا قد وصلا قريبا من المطعم؛ نفس المطعم الذي تعشيا فيه من قبل. قادتهما أقدامهما إليه، ولم ينتبها إلا على الأضواء المنبعثة من واجهته، فقال: عجيبة! ألن نغير المكان؟
وقالت في غير اكتراث: كما تريد، أنا شخصيا لا يضايقني أن نتعشى هنا.
وجلست بجانبه، ولم تكد تتأمل ما حولها، حتى تصنعت الدهشة والغضب، وقالت وهي تومئ بعينها: هذا المعتوه وراءنا في كل مكان، دعنا ننهض!
وقال في كبرياء: ولماذا؟ هل تخافين منه؟ - أبدا، إنه لا يعنيني، إنه أحد الذين أثروا من الحرب، اسمه - على ما أذكر - سيد، تعرفت إليه مرة في بيت إحدى صديقاتي، ومن يومها وهو لم يكف عن مطاردتي، ولعله يئس بعد أن رآني معك.
Página desconocida