158

ام ن غلبة وهمه على وجوده ، وتراكم الخيال فى مرآة عقله ، ولا يخرج امريد عن ذلك إلا بنور الكشف بأن الله تعالى خالق لعمله وحده وليس له منه إلا نسبة التكليف .

وسمعت سيدى على الخواص رحمه الله يقول : لا يبلغ أحد مقام الاخلاص فى الأعمال حتى يصير يعرف ما وراء الجدار ، وينظر ما يفعله الناس فى قعور بيوتهم في بلاد أخر ، فهناك يعرف يقينأ بنور هذا الكشف ، أن عمله ليس هو له ، إنما هو محل لبروزه من جوارح احيث كانت الاعراض لا تظهر إلا فى جسم ، والاعمال أعراض فأفهم وكان يقول : من علامة صدق المريد فى ترك الدنيا أن يتعسر علي أسبابها أبدأ ما عاش ، وذلك لقوة همته فى دفعها ، فلا يصبح ريسى إلا فقيرا إلى ربه عز وجل ووكان يقول : إذا فتم الله تعالى على المريد فتم التعرف فلا يبالى بعد ذلك قل العمل أو كثر.

ووكان يقول : لما علم أهل الله تعالى أن كل نبات لا ينبت ولا يشمر الا بجعله تحت الارض تعلوه النعال جعلوا نفوسهم تحت النعال لينبتو ويشمروا فلا يظهرون للناس إلا بعد تمكنهم فى محبة الحق .

وكان يقول : إذا ورد عليك أيها المريد وارد فى ذكر أو غير فاقبله من الحق تعالى ولا تتعشق به فتحجب عن ربك وتقف عن الترقى وكان يقول : إحفظ وردك أيها المريد عن النسيان فربما احتجت اليه اذا بلغت ميلغ الرجال ، وربيت المريدين ، وقد زهد فى ذلك بعض الاشياخ فاحتاجوا إليه حال تربيتهم ، فلم يعرفوا كيف التربية .

Página desconocida