Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Géneros
بل هي طالبت أباها مظلوما أن يهبها تلك الكتب، على أن تحفظها كما هي بكل حرص في خزينة كتبها.
ومنذ ذلك التاريخ لازمتها تلك الثروة البحرية، لا تغيب عن بصرها، تعاود مطالعتها وحفظها عن ظهر قلب كلما أقدمت على التحضير لرحلة أو غزوة بحرية.
بل إن ذات الهمة لم تتوقف في قراءاتها ومطالعاتها لعالم البحر وأسراره، بل قرأت الكثير من عادات وتقاليد ومناحي حياة الشعوب البحرية، من يونانيين وأتراك ورومان وغيرهم.
وكان يحلو لذات الهمة كلما داعبت عينيها الخيوط الذهبية الأولى للشمس المشرقة، سماع تدريبات جند المسلمين وتكبيرهم العالي، وهم يدقون الأرض بالأقدام، ويتنادون وهم يتبادلون مهام حراساتهم للموانئ والثغور.
وكانت من فورها تبدأ في التفكير بخطط اليوم دون تأخير وتكاسل، وإرجاء لعمل اليوم إلى الغد، لحين الإيذان بدخول جواريها وتناول الإفطار معها، مشاركين إياها الموائد الفسيحة التي استبدلتها من فورها عندما فتحت القصر، رافعة موائد سالفتها وعدوتها اللدودة الأميرة باغة، التي لا تتيح للجائع العربي راحة؛ نظرا إلى ارتفاعها ومقاعدها المفتعلة.
بل هي ضاحكت أحد حراسها من السودانيين لحظة استبدالها قائلة له: «ما لنا والخواجات؟ نحن بساطنا أحمدي.»
إلا أنها صبيحة هذا اليوم قامت من نومها على غير العادة، فحين حاولت فتح جانب ضنين من عينها اليسرى لاستطلاع الشمس ومعرفة الوقت عبر النافذة لم تستطع، فعاودت الإغفاء والاستسلام لخدر النوم وتسلطه، وكأنها لم تذقه منذ دهر.
عاودت الاستسلام لأحلامها وكوابيسها الخانقة لدرجة أثارت شكوك ومخاوف وصيفاتها خارج الغرفة؛ مما دفع بأقرب وصيفاتها - وكانت امرأة مسنة تفيض حنانا لها - إلى طرق الباب مرات، وحين لم يفتح اقتحمته المرأة داخلة مندفعة من فورها إلى فراش ذات الهمة الممددة الغارقة في حشرجاتها.
وما إن قاربتها موقظة: مولاتي فاطمة. حتى شهقت المرأة فزعة مما وقعت عليه عيناها المشدوهتان.
مرض أم المجاهدين
Página desconocida