Amin Rihani: Promotor de la Filosofía Oriental en Occidente
أمين الريحاني: ناشر فلسفة الشرق في بلاد الغرب
Géneros
لقد أكرمت، أيها الريحاني، في المنازل والفنادق والجامعات. أما أستاذنا اللوذعي، فأراد إكرامك في هذه المملكة السنية الفيحاء. تلك اجتماعات كانت قاصرة على جمهور الشرقيين. أما هنا فتحاذى الشرقي والغربي كما هو خليق بفكرك الذي لم يقف عند حدود البلدان، وكما يليق بمن كان واسطة التعارف بين باحثي الشرق والغرب كصاحب هذه الدعوة الكريم، فضرب هذه الخيمة العربية، وأقام هذا المهرجان الجامع بين بساطة البدو وجزالة العباسيين. وفي هذه الربوع التي لا تجرؤ الأصداء على اقتحامها، بل ترتد على حدودها خاشعة، ارتفعت الأصوات للثناء عليك، وفي هذه الربوع حيث دحر التاريخ جيوشا، وجندل قوادا، حللت أنت عزيزا عزة من كانت قوته الوحيدة معرفة، وسيفه الوحيد قلما.
لقد رأيت من مصر حسن الضيافة، وعرفت كيف تشجيها عطور الرياحين، ولكنك شاعر بلا ريب بما وراء اللطف من تحفز وشجاعة. لقد عرفنا نحن مصر عذبة كريمة أعواما طوالا، ثم اهتزت فجأة فبدت ذات هيئة جديدة وجمال رائع. وها هي تتخرج منذ ثلاثة أعوام في مدرسة النخوة والبطولة، وإذا خفت صوت الرجل فيها لحظة، أشارت المرأة - ولو من وراء الحجاب - إلى شرفات العز، ورفيع المصاعد.
ولقد دفع استبسال مصر في جسم الشرق استبسالا، فجئت وهو يتوهج حمية، ويتفجر وطنية، وبينما هو يحييك لأجل ما أنت، ولأجل ما فعلت، إذا به يشير بوجوب إتمام العمل المنتظر، فلا يكفي أنك ترجمت المعري، بل انهض - ولينهض كل ذي صوت مسموع - وقل للغرب: إن الأمة التي أنجبت المعري وأمثاله لا تخبو فيها شعلة الذكاء. انهض أنت وكل ذي صوت مسموع وقولوا للغرب وللشرق جميعا: إننا لا نكتفي بالآثار والأخربة والحضارة البائدة، بل نريد مع العز العظامي والشرف التالد عزا عصاميا وشرفا طريفا.
وإذا ذكرت هذه الساعة؛ فاعلم أن زكي باشا لم يفعل في يوم سوى ما اعتاد المصريون فعله مع نزلاء الشعوب أجمعين، وإذا ذكرت أبا الهول شعار مصر الخالد؛ فاذكر أنه مهما هبت عليه لفحات السموم، وتراكمت حوله رمال الصحراء، فهو يظل باسما يرقب في الشرق فجر الصباح الآتي، وإذا ذكرت هذه الأهرام المنتصبة كالمردة الصامتة في وجه اللانهاية؛ فاذكر أنك سمعت في ظلها أهزوجة الحياة ونشيد الأمل.
وليس هذا نشيد مصر الفتاة وحدها، بل هو صوت من جوق تؤلفه الأقطار الشرقية الهاتفة بنبرة واحدة ، وقلب واحد: «أنا الشرق، ولي صوت يحدو في الجبال والقفار، فيملأ الجبال والأودية ضجيجا وحنينا ... أنا الشرق، وخمر الأجيال تعيد إلي روح النبوة القديمة ... وتثير عندي ألم الذكرى، وتجدد في حب العزم والجهاد. أنا الشرق، أول صوت صارخ بوحدة الحياة وإخاء الإنسان؛ فلنتقاسم بها الغرب حظنا من الحرية والنور؛ لأني اتخذتك يا فتى الغرب رفيقا.»
وكلما ذكرت الشرق، وذكرت إكراما أدته إليك مصر، فوحد هنيهة حب الشرق في حب مصر؛ لتهتف بما يهتف به الآن وعلى الدوام: لتحي مصر مصرية. (8-6) قصيدة محمود محمد أفندي صادق
من من الشرق ليس يهدي السلاما
لفتى الشرق حين هب وقاما
شاكي العزم راح يخترق اليأ
س بقلب تعشق الإقداما
Página desconocida