وأما صاحب الطلسم: فأبطئ عمله؛ لأنه ينتظر الرصد الموافق لعمله، غير أنه أحكم أمره.
قال الراوي: وفرغت الرحى قبل الطلسم لكن أخفيت لئلا يبطل الطلسم فلما علم صاحب الرحى باليوم الذي فرغ فيه الطلسم، أجرى الماء، ودارت الرحى، وعلم صاحب الطلسم وهو في أعلاه وقد بنى بناء مريعا، وصور فيه صورا من نحاس وحديد، وصورة رجل بربري، وغير ذلك، فسقط من أعلى البناء وحصل صاحب الرحى على المرأة والطلسم، ثم عمل الملوك مجتمعين طلسمان(1) بإرصاد وأودعوهما(2) في تابوت رخام في بيت بطليطلة ، وأقفلوا عليه، وأوصوا كل من ملك منهم بزيادة قفل فاستمر على ذلك، فلما حان انقراض دولة (اليونان)، وقد ملك منهم ستة وعشرون ملكا من يوم عملت الطلسمات، وكان السابع والعشرون منهم ملكا يقال له: لذريق فغزاه من المسلمين طارق بن شهاب غلام موسى بن نصير اللخمي، في دولة بني أمية، فأمر للقائه مقدما يقال له: تدمير، وإليه تنسب بلاد تدمير بالأندلس، فحمل طارق وأصحابه، وهرب اليونان، وضرب لذريق بالسيف فقتله على سريره، ولم تقف هزيمة اليونان على بلد، فكانوا يسلمون بلدا بلدا وغنم المسلمون أرضهم، وحمل إلى الوليد بن عبد الملك يومئذ مائدة سليمان بن داود -عليهما السلام- مصنوعة من ذهب وفضة، وعليها طوق لؤلؤ وطوق ياقوت وطوق زمرد، وما يحملها بغل قوي إلا تفسخت قوائمه، وتيجان ملوك اليونان مكللة بالجواهر، وثلاثين ألف رأس من الرقيق.
قالوا: وقد كان قال لذريق لوزرائه أريد فتح هذا الباب أي باب التابوت الذي فيه الطلسمات.
Página 72