298

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
النَّاسِ فِي السَّمَاعِ وَقُوَّةِ الْفَهْمِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْقَرَائِنِ الْمُقْتَرِنَةِ بِالْأَخْبَارِ الْمُفِيدَةِ لِلْعِلْمِ، فَمُخَالَفَةُ مَنْ يُخَالِفُ غَيْرُ قَادِحَةٍ فِيمَا نَدَّعِيهِ مِنْ حُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ لِبَعْضِ النَّاسِ.
وَأَمَّا الْإِلْزَامُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ، فَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوِ ادَّعَيْنَا أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنَ الْعِلْمِ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ مِنَ الْأُمُورِ الْبَدِيهِيَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إِنَّمَا نَدَّعِي الْعِلْمَ الْعَادِيَّ.
وَعَلَى هَذَا، فَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ عِلْمًا بِتَقَاصُرِهِ عَنِ الْعُلُومِ الْبَدِيهِيَّةِ، وَلَا بِمُسَاوَاتِهِ لِمَا قِيلَ مِنَ الْعُلُومِ الْعَادِيَّةِ.
وَأَمَّا الْإِلْزَامُ السَّادِسُ: فَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمُكَابَرَةِ وَالْمُجَاحَدَةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْعَادَةِ فِي خَلْقٍ لَا يُتَصَوَّرُ عَلَيْهِمُ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْخَطَأِ.
ثُمَّ لَوْ كَانَ الْخِلَافُ مِمَّا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِ عِلْمًا ضَرُورِيًّا؛ لَكَانَ خِلَافُ السُّوفِسْطَائِيَّةِ (١) فِي حُصُولِ الْعِلْمِ بِالْمَحْسُوسَاتِ مِمَّا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ عِلْمًا ضَرُورِيًّا، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ السُّمَنِيَّةِ، وَمَا هُوَ اعْتِذَارُهُمْ فِي خِلَافِ السُّوفِسْطَائِيَّةِ فِي الْعِلْمِ بِالْمُحَسَّاتِ يَكُونُ عُذْرًا لَنَا فِي خِلَافِهِمْ لَنَا فِي الْمُتَوَاتِرَاتِ.
[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هل الْعِلْمَ الْحَاصِلَ عَنْ خَبَرِ التَّوَاتُرِ ضَرُورِيٌّ أو نَظَرِي]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ
اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنَ الْأَشَاعِرَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ الْحَاصِلَ عَنْ خَبَرِ التَّوَاتُرِ ضَرُورِيٌّ.
وَقَالَ الْكَعْبِيُّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالدَّقَّاقُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ نَظَرِيٌّ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إِنَّهُ ضَرُورِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي حُصُولِهِ إِلَى الشُّعُورِ بِتَوَسُّطِ وَاسِطَةٍ مُفْضِيَةٍ إِلَيْهِ، مَعَ أَنَّ الْوَاسِطَةَ حَاضِرَةٌ فِي الذِّهْنِ، وَلَيْسَ ضَرُورِيًّا بِمَعْنَى

(١) السُّوفِسْطَائِيَّةُ: قِيلَ إِنَّهَا ثَلَاثُ فِرَقٍ: الْأُولَى عِنَادِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي تُنْكِرُ حَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ الْحِسِّيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ، وَتُكَذِّبُ حِسَّهَا وَعَقْلَهَا، وَتَرَى ذَلِكَ وَهْمًا وَخَيَالًا. الثَّانِيَةُ: اللَّا أَدْرِيَّةُ، وَهِيَ الَّتِي تَشُكُّ فِي حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ وَتَتَرَدَّدُ فِيهَا، وَتَقُولُ: لَا أَدْرِي، أَلَهَا وُجُودٌ أَوْ لَا؟ الثَّالِثَةُ: عِنْدِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي تَرَى أَنْ لَيْسَ لِلْأَشْيَاءِ حَقِيقَةٌ ثَابِتَةٌ فِي نَفْسِهَا، بَلْ تَتْبَعُ إِدْرَاكَ مَنْ أَدْرَكَهَا وَعَقِيدَةَ مَنْ خَطَرَتْ بِبَالِهِ، وَهَذِهِ مَذَاهِبُ بَاطِلَةٌ بِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالْعَقْلِ، وَمَعْنَى السَّفْسَطَةِ الْحِكْمَةُ الْمُمَوَّهَةُ، وَتُطْلَقُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْأَدِلَّةِ، وَهُوَ مَا كَانَتْ مُقَدِّمَاتُهُ وَهْمِيَّةً كَاذِبَةً أَوْ شَبِيهَةً بِالْحَقِّ وَلَيْسَتْ بِهِ، انْظُرْ نَقْدَ ذَلِكَ فِي ج ١٩ مِنْ فَتَاوَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ.

2 / 18