El Gran Hawi de Mawardi

Al-Mawardí d. 450 AH
38

El Gran Hawi de Mawardi

الحاوي الكبير

Investigador

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1419 AH

Ubicación del editor

بيروت

فَعَلَى هَذَا يَمْنَعُونَ مِنْ وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ، وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: إِنَّ ارْتِفَاعَهُ يُوجِبُ ارْتِفَاعَ حُكْمِهِ فَعَلَى هذا أن يَكُونُ الْمَعْنَى هُوَ حُكْمُ النَّجَاسَةِ دُونَ الْعَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ حُكْمُ النَّجَاسَةِ مَعَ عَدَمِ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ إِذَا نَجِسَ، وَقَدْ يُوجَدُ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ، وَلَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ مَا لَمْ تُغَيِّرْهُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا حُكْمُ النَّجَاسَةِ لَمْ يَزُلْ بِالْمَائِعِ فَكَانَ مَعْنَى الْحُكْمِ بَاقِيًا، وَأَمَّا نَجَاسَةُ الْإِنَاءِ إِذَا ارْتَفَعَتْ بِانْقِلَابِ الخمر خلا، وإنما كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْإِنَاءِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ إِجْزَاءِ الْخَمْرِ فَإِذَا انْقَلَبَتْ فِي الْإِنَاءِ خَلًّا انْقَلَبَتْ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ مَعَهَا فَصَارَتْ خَلًّا فَطَهَّرَ الْجَمِيعَ، وَلَا يَكُونُ هَذَا إِزَالَةَ نَجَسٍ، وَإِنَّمَا هُوَ انْقِلَابُ خَمْرٍ إِلَى خَلٍّ. وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْهِرَّةِ إِذَا أَكَلَتْ فَأْرَةً فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّنَا مَتَى عَلِمْنَا نَجَاسَةَ فَمِهَا بِأَنْ وَلَغَتْ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ عَنِ الْعَيْنِ فَالْمَاءُ نُجِّسَ، وَإِنْ غَابَتْ عَنِ الْعَيْنِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: أَنَّ الْمَاءَ نَجِسٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّجَاسَةِ فِي فَمِهَا. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَاءَ طاهر لأن الأصل طاهرة الْمَاءِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنَّ الْهِرَّةَ حِينَ غَابَتْ وَلَغَتْ فِي إِنَاءٍ آخَرَ فَطَهُرَ فَمُهَا. وَأَمَّا اسْتِشْهَادُهُمْ بِالدِّبَاغَةِ فَحُكْمُهَا خَارِجٌ عَنْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الدِّبَاغَةَ لَا تَجُوزُ بِالْمَاءِ الَّذِي هُوَ أَقْوَى الْمَائِعَاتِ حُكْمًا فِي إِزَالَةِ الْأَنْجَاسِ، لِخُرُوجِهَا عَنْ حُكْمِ سَائِرِ الْأَنْجَاسِ. فَصْلٌ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: " أَوْ عَرَقٍ فِيهِ لِأَصْحَابِنَا رِوَايَتَانِ ": أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عِرَقٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ يَعْنِي عُرُوقَ الْأَشْجَارِ، إِذَا اعْتُصِرَ مَاؤُهَا، كَانَ غَيْرَ مُطَهِّرٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: عَرَقٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، يَعْنِي: عَرَقَ الْإِنْسَانِ يَرْشَحُ مِنْ بَدَنِهِ، لَا يَجُوزُ التَّطَهُّرُ بِهِ، وإن كان طاهرا، وكذلك كلما اعْتُصِرَ مِنْ أَجْوَافِ الْإِبِلِ إِذَا نُحِرَتْ عِنْدَ الْعَطَشِ لَا يَجُوزُ التَّطَهُّرُ بِهِ، وَيَكُونُ نَجِسًا وسمي عرقا. مسألة قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: " أَوْ مَاءِ زَعْفَرَانٍ أَوْ عُصْفُرٍ. ". قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا خَالَطَهُ مَذْرُورٌ طَاهِرٌ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ وَالْحِنَّاءِ، أَوْ خَالَطَ الْمَائِعَ طَاهِرٌ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالْخَلِّ، فَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي تَغَيُّرِ الْمَاءِ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَائِعُ الْمَخَالِطُ أَكْثَرَ وَإِنْ غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِ الْمَاءِ مِنْ لَوْنٍ أَوْ طَعْمٍ أَوْ رَائِحَةٍ لَمْ يَجُزِ اسْتِعْمَالُهُ فِي حَدَثٍ وَلَا نَجَسٍ، وَجَوَّزَ أبو حنيفة اسْتِعْمَالَهُ فِي الْأَنْجَاسِ عَلَى أَصْلِهِ، وَفِي الْأَحْدَاثِ أَيْضًا مَا لَمْ يَحْتَرِزْ بِالْمَذْرُورِ فَيَخْرُجُ عَنْ طَبْعِهِ فِي الْجَرَيَانِ وَمَا لَمْ يَكُنِ الْمَائِعُ أَكْثَرَ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ مَا كَانَ طَاهِرًا إِذَا غَلَبَ عَلَى الْمَاءِ لَمْ يَمْنَعْهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ،

1 / 46