El Gran Hawi de Mawardi

Al-Mawardí d. 450 AH
37

El Gran Hawi de Mawardi

الحاوي الكبير

Investigador

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1419 AH

Ubicación del editor

بيروت

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - قال: " ولا سيما فِي دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ حُتِّيهِ ثُمَّ اقْرُصِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ " فَأَمَرَهَا بِالْمَاءِ، وَالْأَمْرُ إِذَا وَرَدَ مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ لَمْ يَسْقُطْ إِلَّا بِوُجُودِ ذَلِكَ الشَّرْطِ، وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَجُوزَ بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ، كَرَفْعِ الْحَدَثِ، وَلِأَنَّهُ غَسْلٌ مَفْرُوضٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ كَالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَلِأَنَّهُ مَائِعٌ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَزُولَ النَّجَسُ كَالدُّهْنِ، وَالْمَرَقِ، وَلِأَنَّ لِلْمَاءِ نَوْعَيْنِ مِنَ التَّطْهِيرِ: أَحَدُهُمَا: تَطْهِيرُ نَفْسِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ. وَالثَّانِي: تَطْهِيرُ غَيْرِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ. فَلَمَّا انْتَفَى عَنِ المائع تطهير نفسه بالمكاثرة. وجب أن تنتفي عَنِ الْمَائِعِ تَطْهِيرُ غَيْرِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ، وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ التَّطْهِيرِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَفِيَ عَنِ الْمَائِعِ قِيَاسًا عَلَى تَطْهِيرِ الْمُكَاثَرَةِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَا نَجِسَ بِوُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ نَجِسَ بِوُرُودِهِ عَلَى النَّجَاسَةِ بِكُلِّ حَالٍ كَغَيْرِهِ الْمَائِعِ طَرْدًا، وَكَالْمَاءِ عَكْسًا، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ مُلَاقَاةُ الْحِلِّ وَالنَّجَاسَةِ يُوجِبُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ حُكْمُ النَّجَاسَةِ، كَمَا لَوْ وَقَعَتْ مِنْهُ نَجَاسَةٌ، ولأن إزالة النجس أعلا مِنْ رَفْعِ الْحَدَثِ بِدَلَالَةِ أَنَّ مَنْ كَانَ مُحْدِثًا، وَعَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، وَوَجَدَ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي النَّجَاسَةِ دون الحدث، فلم يَجُزِ اسْتِعْمَالُ الْمَائِعَاتِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَهُوَ أَخَفُّ الْأَمْرَيْنِ حَالًا فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ اسْتِعْمَالُهُ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِأَنَّهُ أَغْلَظُهُمَا حَالًا. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ تَعَلُّقِهِمْ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَوْلِهِ ﵇: " يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ " فَهُوَ أَنَّهَا إِشَارَاتٌ إِلَى غَيْرِ النَّجَاسَةِ، أَوْ إِلَى نَجَاسَةٍ يَابِسَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّ النَّجَاسَةَ الرَّطْبَةَ لَا تُطَهَّرُ بِالدَّلْكِ اتِّفَاقًا. وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا عَلَى نَجَاسَةٍ يَسِيرَةٍ يُعْفَى عَنْ مِثْلِهَا أَوْ عَلَى أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ لِتُلِينَ النَّجَاسَةَ بَرِيقِهَا، ثُمَّ تَغْسِلُهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الرِّيقَ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ. وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ على الماء، فالمهنى فِي الْمَاءِ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلِذَلِكَ أَزَالَ النَّجَسَ. وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْقَطْعِ بِالْمِقَصِّ، فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ أَزَالَ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ. وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الطِّيبِ فِي بَدَنِ الْمُحْرِمِ فَالْمَعْنَى فِي الطِّيبِ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ إِزَالَةُ رِيحِهِ لَا إِزَالَةَ حُكْمِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ النَّجَاسَةُ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّ ارْتِفَاعَ الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْحِكَمِ يُوجِبُ ارْتِفَاعَ ذَلِكَ الْحُكْمِ، فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ، ويقول: ليس ارتفاع معنى الحكم موجب لِارْتِفَاعِ ذَلِكَ الْحُكْمِ،

1 / 45