El Gran Hawi de Mawardi
الحاوي الكبير
Investigador
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1419 AH
Ubicación del editor
بيروت
يَتَقَدَّرْ فَرْضُهُ بِالرُّبُعِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، ولأن التقدير لا يثبت قياسًا ولا سيما أبي حنيفة، وَلِأَنَّ تَقْدِيرَهُ بِالرُّبُعِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ قَدْرِهِ بِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ بِأَكْثَرَ فَكَانَ مُطَّرِحًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ: استحباب مسح جميع الرأس)
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْفَرْضَ فِي الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِهِ وَإِنْ قَلَّ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْسَحَ جَمِيعَهُ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ والمقدام بن معد يكرب أن النبي ﷺ َ - مَسَحَ بَجَمِيعِ رَأْسِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَصِيرَ بِاسْتِيعَابِ مَسْحِ رَأْسِهِ مُؤَدِّيًا بِالْإِجْمَاعِ فَرْضَ مَا مَسَحَهُ، فَإِذَا أَرَادَ مَسْحَ رَأْسِهِ كُلِّهِ مَسَحَ بِيَدَيْهِ عَلَى مَا وَصَفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَيَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْمَاءِ وَيَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَيُمِرُّهُمَا إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إِلَى مُقَدَّمِهِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَيَمْسَحُ جَمِيعَ رَأْسِهِ وَصُدْغَيْهِ. فَمَنْ جَعَلَ مِنْ أَصْحَابِنَا الصُّدْغَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ قَالَ إِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ لِاسْتِيعَابِ مَسْحِ الرَّأْسِ.
وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْهُمَا مِنَ الرَّأْسِ قَالَ إِنَّمَا أَمَرَ بِمَسْحِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْهُ لِيَصِيرَ بِالْمُجَاوَرَةِ إِلَيْهِمَا مُسْتَوْفِيًا لِجَمِيعِ الرَّأْسِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَوْعَبَ مَسْحَ رَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا. وَقَالَ أبو حنيفة وَمَالِكٌ: السُّنَّةُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَمَا زَادَ عَنِ الْمَرَّةِ مَكْرُوهٌ استدلالاُ بِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - مسح رأسه مَرَّةً وَاحِدَةً وَلِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ فِي الطَّهَارَةِ فَوَجَبَ أَلَّا يَكُونَ التَّكْرَارُ فِيهِ مَسْنُونًا كَالتَّيَمُّمِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْحِ مَقْصُورٌ عَلَى بَعْضِ الرَّأْسِ وَاسْتِيعَابَهُ سُنَّةٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ تَكْرَارُ مَسْحِهِ سُنَّةً ثَانِيَةً لِأَنَّ الْعُضْوَ الْوَاحِدَ لَا يَجْتَمِعُ فِيهِ سُنَّتَانِ.
وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُ عُضْوٌ فِي الطَّهَارَةِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ سُنَّتَانِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَلِأَنَّ الْمَسْنُونَ فِي الرَّأْسِ الْمَسْحُ وَفِي تَكْرَارِهِ خُرُوجٌ عَنْ حَدِّ المسح إلى الغسل والغسل غير مسنون فكذلك مَا أَدَّى إِلَيْهِ مِنْ تَكْرَارِ الْمَسْحِ غَيْرُ مَسْنُونٍ وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ حُمْرَانَ وَشَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - (مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا) . وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى وَأَبُو
1 / 117