El Gran Hawi de Mawardi
الحاوي الكبير
Investigador
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1419 AH
Ubicación del editor
بيروت
وَإِذَا كَانَ هَذَا مِنْ كَلَامِهِمْ كَانَتِ الْبَاءُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ (المائدة: ٦)، مُرَادًا بها بعض رؤوسكم لِأَنَّهَا أَوَّلُ حَرْفٍ مِنْ بَعْضٍ.
وَالدَّلِيلُ مِنْ طَرِيقِ السُّنَّةِ رِوَايَةُ ابْنِ سِيرِينَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بن شعبة أن النبي ﷺ َ - مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ أَوْ قَالَ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَرَوَى أَبُو مَعْقِلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َ - يتوضأ عليه عمامةٌ فطرية، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رَأْسِهِ وَلَمْ يَنْقُضِ الْعِمَامَةَ. وَلِأَنَّ كُلَّ مَا لَوْ تَرَكَهُ نَاسِيًا فِي الطَّهَارَةِ فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ لَمْ يَكُنْ مِنْ فُرُوضِ الطَّهَارَةِ كَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ. فَأَمَّا الْآيَةُ فَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَيْ دَلِيلِنَا مِنْهَا، فَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بن زيد والمقدام بن معد يكرب فَمَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ بِدَلِيلِ مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ وَأَنَسٍ، وَأَمَّا قِيَاسُهُ فَمُنْتَقَضٌ بِمَسْحِ الْخُفَّيْنِ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهُ مَحَلٌّ لِفَرْضِ المسح وليس مسح جميعه واجب
(فصل: استدلال أبي حنيفة)
وَأَمَّا أبو حنيفة فَاسْتَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ مَسْحِ رُبُعِهِ بِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ، قَالَ وَالنَّاصِيَةُ رُبُعُ الرَّأْسِ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ فَلَمْ يَجُزْ فِيهِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ. وَدَلِيلُنَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ الْمُوجِبَةِ لِمَسْحِ الْبَعْضِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِرُبُعٍ وَلَا ثُلُثٍ ثُمَّ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - مسح مقدم رأسه وذلك أَقَلُّ الرُّبُعِ، لِأَنَّهُ مَسَحَ بِالْمَاءِ فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَ مِنْهُ مَا انْطَلَقَ اسْمُ الْمَسْحِ عَلَيْهِ قياساُ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلِأَنَّهُ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَهُ قِيَاسًا عَلَى الرُّبُعِ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ، فَلَمْ
1 / 116