البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج
البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج
Editorial
دار ابن الجوزي
Número de edición
الأولى
Año de publicación
(١٤٢٦ - ١٤٣٦ هـ)
Ubicación del editor
الرياض
Géneros
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى في "العقيدة الواسطيّة" حينما يصف اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة: ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه رسوله ﷺ من غير تحريف، ولا تعطيل ومن غير تكييف، ولا تمثيل، بل يؤمنون بأن الله ﷾: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يُحرّفون الكلم عن مواضعه، ولا يُلحدون في أسمائه، وآياته، ولا يكيّفون، ولا يمثّلون صفاته بصفات خلقه؛ لأنه ﷾ لا سميّ له، ولا كفء له، ولا ندّ له، ولا يقاس بخلقه ﷾، فإنه أعلم بنفسه، وبغيره، وأصدق قيلًا، وأحسن حديثًا من خلقه، ثم رسله صادقون، مصدّقون، بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون، ولهذا قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٨٢)﴾ [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢]، فسبّح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل، وسلّم على المرسلين؛ لسلامة ما قالوه من النقص والعيب، وهو قد جمع فيما وصف، وسمَّى به نفسه بين النفي والإثبات، فلا عدول لأهل السنّة والجماعة عمّا جاء به المرسلون، فإنّه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين، والشهداء، والصالحين. انتهى كلامه مختصرًا.
وقال في "الفتح": قوله: "قال: الإيمان: أن تؤمن بالله … " إلخ: دل الجواب أنه عَلِم أنه ساله عن متعلقات الإيمان، لا عن معنى لفظه، وإلا لكان الجواب الإيمان: التصديق. وقال الطيبي: هذا يوهم التكرار، وليس كذلك، فإن قوله: "أن تؤمن بالله"، مُضَمَّن معنى أن تعترف به، ولهذا عدَّاه بالباء: أي أن تصدق، معترفًا بكذا.
قال الحافظ: والتصديق أيضًا يُعَدَّى بالباء، فلا يحتاج إلى دعوى التضمين. وقال الكرماني: ليس هو تعريفًا للشيء بنفسه، بل المراد من المحدود الإيمان الشرعي، ومن الحد الإيمان اللغوي.
قال الحافظ: والذي يظهر أنه إنما أعاد لفظ الإيمان؛ للاعتناء بشأنه، تفخيمًا لأمره، ومنه قوله تعالى: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس: ٧٩] في جواب ﴿مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ [يس: ٧٨]: يعني أن قوله: "أن تؤمن" ينحل
1 / 98