19

El Fin del Mundo

آخر الدنيا

Géneros

وبينما كان أحمد يعبث بأحرف المكنة ليتأكد من سلامتها، دق صدفة على حرف الألف، ولكنه فوجئ بأن ذراعها لا ترتفع، ودق مرة أخرى ولم ترتفع الذراع.

واعتقد زملاؤه أنه لا بد قد جن حقيقة حين انطلق إلى حجرة الريس عبد اللطيف، وهو يصرخ بطريقة مختلفة تماما عن طريقته المؤدبة وبانفجار: الحق يا ريس ... اتفضل آهي الماكنة رافضة تكتب الألف. هيه! ارفدوها بقى هيه رخرة يا ريس ... ارفدوها.

فقال الريس عبد اللطيف وهو يكح: المكن يا بني لما بيرفض الكتابة ما بيترفدش، بيصلح ... ابقوا ودوها الورشة وصلحوها. •••

وغادر أحمد مبنى الشركة وأصبح في الشارع، ولكنه بعد قليل لم يعد يعرف في أي الشوارع يمشي؛ فقد ظل يسير كالمفيق من حادث، كالحالم؛ كالمصدوم، يسير بلا وعي وبلا هدف أو وجهة. وأخيرا وجد نفسه مرة أخرى في شارع سليمان قريبا من لافتة الشركة ومبناها. ولم يستطع أن يمنع خاطرا صبيانيا خطر له، وجعله يقرأ اللافتة، وكأنه يراها ويتأملها لأول مرة. وفقط حين كاد ينتهي من قراءتها، أدرك أنه قد رفد اليوم، وأنه فقد عمله، وأن عليه أن يستعد لأيام وربما سنوات عجاف، وأن سبب رفده أغرب سبب؛ إصراره على أنه إنسان.

ومرة أخرى نظر حوله ... الشارع يموج بالناس والعربات والدراجات، والناس تسابق العربات، والدراجات تسابق الناس وهو ماش، لا يسابق دراجة ولا تسبقه عربة، بلا هدف ولا وجهة. وفجأة أحس بشيء حار يندلع في حلقه، شيء جعله يقف في وسط الشارع، ولا يشعر بنفسه إلا وهو يصرخ ويقول: أنا إنسان.

والتفتت رءوس المارة مندهشة ناحيته، وأطلت من العربات وجوه، وألقيت عليه نظرات كثيرة مستغربة. وقال واحد: الناس باين عليها اجننت!

وضحك طفل، وزأر كلاكس يأمر أحمد بإخلاء الطريق.

ولم يستغرق هذا كله إلا لحظة خاطفة، ثم لم تلبث الحركة أن عادت في الشارع إلى سابق عهدها، وكأن شيئا لم يحدث.

أحمد المجلس البلدي

أنى تذهب كنت تجد أحمد العقلة ... نجارا تلقاه، حلاقا تلقاه، تاجرا في مخلفات الجيش تلقاه. ثم هو بعد هذا يجيد شغل الآلاتية، وكي الناس للشفاء من الأمراض، وجس البهائم العشر، والقيام بأعمال الأبونيه وتعهدات فرق المزيكا والرقص، وإصلاح الكلوبات والبوابير في الأفراح، وحتى في «تلتيم الموتى» تلقاه.

Página desconocida