18

El Fin del Mundo

آخر الدنيا

Géneros

وانتظر المدير قليلا ليترك لأحمد فرصة الانسحاب، وبعد لحظة استدار مرة أخرى، وإذا به يفاجأ بأحمد رشوان لا يزال واقفا، بل فوجئ أكثر حين وجد أنه قد انتظر اللحظة التي يواجهه فيها ليقول: بس أنا إنسان يا سيادة المدير ... أنا إنسان. - إنسان في عينك قليل الأدب ما تختشيش. ده جزا اللي يعاملكم بشفقة؟ غور من وشي يلا غور. - يا سيادة المدير أنا بكالوريوس تجارة، أنا مش ... - غور من وشي.

وقبل أن يفتح أحمد فاه مرة أخرى كان الباب قد فتح، ودخل الساعي وجذبه من يده برفق وأخرجه وأغلق الباب.

ولكنه ما كاد يصبح في الطرقة حتى كان جرس المدير يدق، وحتى كان قد استدعي مرة أخرى للمثول في مكتبه.

ودخل أحمد بوجه شاحب كوجوه المنومين مغناطيسيا، وكأنما هو مدفوع للمضي في الطريق الذي صمم عليه بقوى خفية أكبر منه. والمدير العام أيضا كان متجهما صارما، وكأنما قد نبتت له فجأة أنياب أظافر.

وخير أحمد بين الموافقة على كتابة الألف فورا وخصم ثلاثة أيام من مرتبه، أو فصله نهائيا من الشركة.

وما كاد أحمد يفتح فاه ويقول: أنا ... حتى كانت يد المدير على الزر، وحتى كان السيد عبد اللطيف داخل الحجرة، وكأنما انشقت عنه الأرض. وكلمة واحدة قالها المدير لعبد اللطيف: ارفدوه.

ثم لم يلبث أن أردف: دلوقت حالا. •••

ورفدوه.

سلمه عبد اللطيف الأمر الإداري بفصله، وطالبه بتسليم العهدة، ونصحه مدير المستخدمين بأن يرفع قضية على الشركة؛ لعل وعسى ...

والتف الزملاء حول أحمد حين عاد إلى الحجرة ليسلم ماكينته الكونتننتال، وهي كل عهدته. كان في وجوههم أسى كثير ورثاء، ولكنه كان في قرارة نفسه يرثي لهم هم. كان يحس أنه وحده الإنسان، وأنهم هم من فراشهم إلى مديرهم العام مجرد ماكينات كاتبة وحاسبة وكانسة ومفتشة.

Página desconocida