ولما تحقق أحمد فيضي خبر قتل رضا القرشي ومن معه خاف على صهره محيي الدين ومن لديه بجراف حاشد من الأتراك والنقود والأثقال، فبالغ في استمالة بعض المشايخ والعقال من العرب وصرف الأموال وأعمل كل حيلة في استخراج محيي الدين من الجراف، فتم له ذلك بعد ما لا مزيد عليه من الأهوال. وسار فيضي في بقية الأتراك نحو عمران والعرب خلفهم يحربونهم. وكانت هذه المعارك مما لم يعرف اليمن وأهله مثلها في الأعوام القريبة فإنها جافت بعض المواضع من كثرة القتلى. وعاد فيضي إلى صنعاء فيما لا مزيد عليه من الذل والهوان. وبعد ذلك أمر بعمارة منارة جامع الروضة التي كانت أخربتها مدافع الأتراك في آخر العام الماضي. ورجع كل الأقوام من العرب الذين كانوا بشهارة إلى أوطانهم وبلدانهم ولم يمكن فيضي التعرض لهم، وسبحان المعز المذل:
يقولون ما للترك أضحت أذلة ... وللترك في بعث الجيوش يدا فيض
فقلت لهم لا تعجبوا من فرارهم ... إذا جاء نصر الله تبت يدا فيضي
أرانا الله آيات نصره
للقاضي العلامة البليغ المنشئ الحسين بن أحمد بن صالح العرشي الخولاني المتوفى ببندر الليث من تهامة في ذي الحجة الحرام سنة 1329 تسع وعشرين.
بذا خبري فلينقل النظم راقمه ... وللمجد فليروي العلى من ينادمه
وعن معشر قد لاقوا العز عنوة ... وللعز من يعنى به ويلازمه
بيوم أرانا الله آيات نصره ... تخب وتمشي بالثبات قوائمه
بأيدي رجال لا نرى العجز عندهم ... يقيم ولا منهم مقيم يسالمه
رجال من الأحرار أمست شهارة ... بهم حرما لا تستباح محارمه
غداة سما فيضي يجر جيوشه ... إليها وترقى في الجبال أعاجمه
بجيش يجر الوحش في كل موضع ... أجش له قلب الوغى وقوادمه
وبالترك والأروام والشام إذ غدت ... تقودهم قواده وأغالمه وقد أخمد الأعراب إلا بقية ... نهاها العلى من أن تطاء مظالمه
Página 42