336

Ahkam del Corán

أحكام القرآن

Investigador

موسى محمد علي وعزة عبد عطية

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٥ هـ

Ubicación del editor

بيروت

فدل ذلك على أن الابتلاء قبل البلوغ لا بدفع المال اليه، ولا بأن يبقى بعقله ورأيه، حتى يزعم بكونه رشيدا، فإنه لو كان كذلك ما توقف وجوب دفع المال على بلوغ النكاح، بل دل على أن الابتلاء قبل البلوغ في أمر الدين والدنيا، بأن يربيه على الخيرات والطاعات، ويندبه إلى المراشد وتأمل التصرفات والتجارات، حتى يكون نشوّه على الخيرات، فإذا بلغ النكاح نفعه ما تقدم من التدريب، ويحصل به إيناس الرشد، وهو إحساس الرشد، مثل قوله تعالى: (إِنِّي آنَسْتُ نارًا) «١» .
يعني أحسستها وأبصرتها، وذلك يدل على أن الذي يجري في الصبي غير موثوق به شرعا، إنما هو توطئة وتمهيد لزمان البلوغ الذي يوثق فيه بإيناس الرشد، فهذا تحقيق لمذهب الشافعي ﵁، ويرد على من خالفه، ثم قال الشافعي:
ولما قال تعالى: (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا)، وهو يقتضي صلاح الدين والدنيا، والفاسق غير رشيد ولا مأمون، وهذا لأن التبذير يتولد من غلبة الهوى، والهوى منشأ الفسق، ولا يؤمن من الفاسق صرف المال إلى المحصور المنكور، وذلك تبذير وإن قل، فإنه لا يكتسب به محمدة في الدنيا والآخرة، والكثير في الطاعات ليس بتبذير، على ما عرف من أقوال السلف رضوان الله عليهم أجمعين، فهذا معنى الآية.
قوله تعالى: (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ «٢» وَمَنْ كانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) الآية (٦):

(١) سورة طه الآية ١٠.
سورة النمل الآية ٧.
سورة القصص الآية ٢٩.
(٢) يقال: عف الرجل عن الشيء واستعف إذا أمسك، والاستعفاف عن الشيء تركه، والعفة: الامتناع عما لا يحل ولا يجب فعله.

2 / 328