Ahadith Mazini
أحاديث المازني
Géneros
وأنا - كما يعرف القارئ - لا علم لي بالهندسة ولا بسواها مما هو بسبيل ولست أدري إلى هذه الساعة كيف أمكن أن أجتاز الامتحانات المدرسية التي كانت تعقد لنا في المدارس أو في السرادقات وقد كان مما نمتحن فيه الهندسة - بأنواعها فإنها كثيرة - والجبر والحساب وحساب المثلثات إلى آخر هذا الذي نسيت حتى أسماءه.
وأحسب أن الذين كانوا يراجعون أوراق الإجابات كانوا يقولون أن هذا المازني سيكون أديبا كبيرا والأدب لا يتطلب العلم بالرياضة ومن الخير للأدب أن ندعه يخرج بشهادته وأن لا نعطله بالرسوب. فإن لم يكن هذا هكذا فليقل لي من يدري كيف أمكن أن أجتاز هذه الامتحانات في علوم الرياضة والكيمياء أيضا والطبيعة كذلك. فإني أذكر - الآن - أني كنت أملأ أوراق الإجابة عن أسئلة الرياضة وما إليها من المعارف المستحيلة بالرسوم والتصاوير - رسوم فتيات وطيور وبقر وجمال وكنت أفرد الصفحة الأخيرة من ورقة الإجابة لأساتذتي في علوم الرياضة فأرسم بضعة خطوط هنا وأكتب تحتها «المستر فلان» معلم الحساب وخطوطا أخرى تحتها وأكتب إلى جانبها «المستر علان» مدرس الجبر وهكذا. ومن يدري.. لعل رسمي لأساتذتي كان يرضيهم ويعجبهم فيدعون جواب المسائل ويمنحونني الدرجات على الرسم الجيد من الذاكرة.
وقلت لصاحبي «يا سلام.. صحيح».
فقال: «بالطبع. اسمع كيف تقيس المسافة بين شاطئي النيل».
قلت: «أوه. المسألة لا تحتاج إلى هندسة أو غيرها، أمشي على كوبري قصر النيل وأعد خطاي ثم أضرب العدد في طول الخطوة.. مسألة بسيطة جدا».
فقال «لا لا لا لا. افرض أنك تريد أن تقيس المسافة بين شاطئين حيث لا كوبري ولا شبهه».
قلت: «آه.. هذه مسألة أخرى.. أقول لك. أركب زورقا ومعي حبل أثبته على شاطئ وأدليه الماء ونحن نمرق حتى نبلغ الشاطئ الآخر ثم نقيس الحبل».
قال: «يا أخي ألا تعرف أن الزورق لا يستطيع أن يمضي من شاطئ إلى شاطئ في خط مستقيم».
قلت: «صحيح.. والله فاتتني.. طيب.. وما العمل.. أما أنا فلا أرى طريقة أخرى فيحسن بالنيل أن يقنع بأن يبقى بغير قياس لعرضه.. يكفي طوله».
قال: «لا تمزح».
Página desconocida