"هِي هَرَبٌ وَحَرَبٌ١، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّوْدَاءِ٢:دَخْنُهُا٣ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي٤ يَزْعُمُ: أَنَّهُ مِنِّي، وَلَيْسَ،
_________
١ الهرب: بفتحتين، أي: يفر بعضهم من بعض، لما بينهم من العداوة والمحاربة.
والحرب: قال في النهاية: الحرب: بالتحريك: نهب مال الإنسان، وتركه لاشيء له.
وقال الخطابي: الحرب: ذهاب المال والأهل.
٢ في سنن أبي داود: "ثمّ فتنة السراء"، وهذا هو الصواب.
والمراد بالسراء: النعماء التي تسر الناس من الصحة والرخاء، والعافية من البلاء والوباء. وأضيفت الفتنة إلى السّراء؛ لأنّ السبب في وقوعها: ارتكاب المعاصي بسبب كثرة التنعم، أو لأنّها تسر العدو.
٣ "دخنها"، يعني: ظهورها وإثارتها. شبهها بالدخان المرتفع. والدخن: بالتحريك مصدر دخنت النار تدخن: إذا ألقى عليها حطب رطب، فكثر دخانها. وقيل: أصل الدخن: أن يكون في لون الدابة: كدورة إلى سواد.
٤ "من تحت قدمي رجل من أهل بيتي"، تنبيهًا على أنّه هو الذي يسعى في إثارتها، أو إلى إنه يملك أمرها "ويزعم أنه مني"، أي في الفعل؟ وإن كان مني في النسب.
والحاصل أن تلك الفتنة بسببه، وأنه الباعث على إقامتها."وليس مني"، أي من أخلاتي أو من أهلي في الفعل، لأنه لو كان من أهلي: لم يهيج الفتنة. ونظيره: قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾، [هود، من الآية: ٤٦] .
1 / 76