فِيهَا الكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصّادِقُ، ويُؤْتَمَنُ فيها الْخَائِنُ، ويُخَوَّنَ فِيهَا الأَمِينُ، ويَنْطِقُ فيهَا الرُّوَيْبِضَةُ"١، قِيلَ: يا رسولَ الله، وما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: "الرّجلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ٢ فِي أَمْرِ العَامّةِ".
(٣٨) وفي حديث٣ جِبْرِيْلَ:
"أنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا٤. وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعَرَاةَ
_________
١ "الرويبضة"، تصغير رابضة، وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها، وتاؤه للمبالغة.
٢ في سنن ابن ماجه، قال: "الرّجل التافه في أمر العامّة". بدون لفظ: "ينطبق".
٣ صحيح مسلم بشرح النّووي جـ١ – كتاب الإيمان – باب أمارات السّاعة ص ١٥٨ – من حديث طويل.
٤ "وأن تلد الأمة ربتها"، وفي الرواية الأخرى: "ربها"، على التذكير وفي الأخرى: "بعلها". وقال: يعني: السراري.
ومعنى ربها، أو ربتها: سيدها ومالكها، وسيدها ومالكتها.
قال الأكثرون من العلماء: - هو إخبار عن كثرة السّراري وأولادهن؛ فإن ولدها من سيدها بمنزلة سيدها؛ لأنّ مال الإنسان صائر إلى ولده.
وقد يتصرّف فيه في الحال تصرف المالكين، إما بتصريح أبيه له بالإذن، وإما بما يعلمه بقرينة الحال أو عرف الاستعمال.
وقيل معناه: أن الإماء يلدن الملوك، فتكون أمة من جملة رعيته، وهو سيدها وسيد غيرها من رعيته.
وقيل معناه: أنّه تفسد أحوال النّاس فيكثر بيع أمهات الأولاد في آخر الزّمان فيكثر تردادها في أيدي المشترين، حتى يشتريها ابنها ولا يدري.
والصّحيح في معنى البعل: أنّه المالك أو السّيد، فيكون بمعنى ربها على ما ذكر.
وقيل: المراد بالبعل في الحديث: الزّوج. ومعناه كما تقدم: أنّه يكثر بيع السّراري حتى يتزوج الإنسان أمه وهو لا يدري. والأول أظهر؛ لأنه إذا أمكن حمل الروايتين في القضية الواحدة على معنى واحد كان أولى. والله أعلم.
1 / 58