بين الحيوان البري والحيوان المائي، ولذلك صار في كثرة غذائه وقلته، وسرعة انهضامه وبطئه، وتشبهه بالأعضاء وثباته فيها، على حال توسط واعتدال. ومن قبل ذلك صار لحمه أفضل اللحمان وأعدلها وأوفقها لبقاء الصحة ودوامها، وشدة الأعضاء وقوتها معا.
وأما ما يعلف ويسمن في المنازل والدور، فإن لحمه أكثر اللحمان لزوجة وغلظا، ذلك لكثرة رطوبة هوائه وقلة حركته ودوام سكوته وكثرة أكله وشربه وفساد غذائه وغلظه. ولذلك صار أكثر اللحمان لزوجة وفضولا وفسادا، وأعسر انهضاما في المعدة والكبد جميعا، إلا أنه إذا قويت الطباع عليه وانهضم في المعدة والكبد غذى غذاء كثيرا قويا عسير الانحلال من الأعضاء لكثرة غلظه ولزوجته.
ولذلك قال الفاضل أبقراط: أنه لا يجب أن يقتصر على معرفة طبيعة شئ من الحيوان وكمية غذائه وكيفية استمرائه من نوعيته فقط دون الفحص عن موضعه ومرعاه وكيفية هوائه في الرطوبة واليبوسة ومقدار حركته وسكوته.
Página 88