تحية أمامي وجها لوجه، ناضجة الأنوثة جذابة العينين؛ نظرت إليها في ذهول وأنا لا أصدق عيني! في الأيام السابقة للامتحان، كنت أسهر الليل وأنام في النهار، فتح الباب وأنا أتمشى في الصالة، ودخلت تحية، أما أبي وأمي فقد سبقا للنوم. دخلت تحية وفي أثرها طارق رمضان؛ إني أعرفها، وطالما رأيتها فوق خشبة المسرح، تقوم بأدوارها الثانوية مثل طارق. نظرت إليها بذهول، فقالت باسمة: ماذا يوقظك في هذه الساعة المتأخرة؟
فقال طارق: إنه مجاهد، يسهر الليل في طلب العلم، وبعد أسبوع سيدخل امتحان الإعدادية. - برافو!
ومضيا يصعدان السلم إلى حجرة طارق؛ دار رأسي، فار دمي، أيجيء بها إلى حجرته من وراء أبي وأمي؟ أليس لها بيت يذهبان إليه؟ أي تدهور يهبط ببيتنا إلى الحضيض؟! عجزت عن تركيز ذهني، واحترق رأسي بالفكر. هاجمني الشر وأنا أعاني المراهقة والرغبات الجامحة، وأكافحها بالإرادة والطموح إلى النقاء، واشتعلت بالغضب حتى صرعني النوم. وأقبلت على والدي وهما يجلسان في الصالة عصرا؛ ما إن رآني أبي حتى تساءل في توجس: ماذا وراءك؟
فقلت بتدفق حار: حدث غريب لا يتصوره عقل؛ جاء طارق بتحية إلى حجرته أمس!
فمد إلي بصره الثقيل، وثبته علي دون أن ينبس، فتوهمت أنه لا يصدقني، فقلت: لقد رأيت بعيني.
فسألني ببرود مثير: ماذا تريد؟ - أردت أن أخبرك، لتؤدبه وتفهمه أن بيتنا بيت محترم؛ يجب أن تطرده.
فقال بحدة: انتبه لعملك، ودع شئون البيت لصاحبه.
وقالت أمي بصوت منخفض ذليل: إنها خطيبته. - ولكنه لم يتزوجها بعد!
فخاطب أبي أمي قائلا بسخرية وهو يومئ ناحيتي: يريد أن يموت جوعا.
فقلت مجتاحا بدفقة غضب: نحن الذين أفقرنا أنفسنا.
Página desconocida