لم أخطئ، البيت القديم يتجدد على مبادئ جديدة، ينفض عنه الغبار، تتأهب أوسع حجرة فيه لاستقبال القادمين من الجحيم. أحترم هؤلاء العظام الذين يمارسون الحرية بلا نفاق؛ الهلالي والعجرودي وشلبي وإسماعيل وطارق وتحية. أعد أيضا مخزنا من الأطعمة الجافة والشراب والمخدرات. حليمة تتوثب للنفاق، إني لا أرحم المنافقين! تثوب إلى حقيقتها الكامنة، تمسي ربة البيت الجديد بكل كفاءة. جميلة وذكية وحرة مثلي وأكثر، جديرة بقيادة ماخور. أمطرت السماء ذهبا، ولكن لم ينظر الولد إلينا بامتعاض؟ ابن من أنت؟ من أبوك؟ من أمك؟ من جدتك؟ ابن حرام أنت، ابن الكتاب والمسرح، وتصدق النفاق يا غبي. وتقول حليمة: الولد يقتله الحزن. - ليقتله الحزن، كما يجدر بأي غبي. - إنه يرفض. - لا أحب هذه الكلمة. - إنه يستحق الرحمة. - إنه يستحق القتل.
أصبح يمقتني، ويقتلع الحب القديم من قلبي. - انتبه لحياتك ... عش الواقع ... قلة نادرة تظفر بمثل طعامك ... انظر إلى الجيران ... ألا تسمع عما يجري في البلد؟ ألا تفهم؟ من أنت؟
عيناه تعكسان نظرة غريبة، إنه يعيش خارج أسوار الزمن؛ ماذا يريد؟ اسمع موعظة، هذا البيت بناه جدك، لا أدري عنه شيئا، جدتك جعلت منه مهدا لغرامها. أرملة وشابة ولا تختلف عن أمك. أبوك نشأ في أحضان الحقيقة، أود أن أحكي لك كل شيء؛ هل أخشاك؟! لولا أن عاجلت الوفاة جدتك، لتزوج منها الباشجاويش، ولضاع البيت. أراد أن يستولي علي بعد وفاتها، ولكني ضربته؛ لذلك سعى حتى جندت في الجيش القديم، ولكن البيت بقي. أم هاني قريبة أمي، وقوادة الهلالي؛ كانت الوساطة لأتعين ملقنا بالفرقة. أود أن ألقي عليك هذه السيرة ذات يوم؛ لتعرف أصلك، وتنتمي بلا مقاومة كاذبة إلى مبادئك الحقيقية. كن مثل أبيك ليجمعنا الحب كما كان وأنت صغير، ولا تنخدع بنفاق أمك. ستعرف كل شيء ذات يوم. هل أخشاك يا ولد؟! •••
رجعت إلى المقلى، فسألتني حليمة بلهفة: ماذا قال لك؟ - لم أقابله؛ غادر الشقة إلى مكان مجهول حاملا حقيبته.
ضربت فخذيها بقبضتيها، وقالت: مكان مجهول! ... لم لم يخبرنا؟ - من أدراك أنه يفكر فينا؟ - إنه هو الذي فتح لنا هذه المقلى. - وانتهى منا؛ إننا بالنسبة له اليوم ماض يحسن نسيانه. - إنك لا تفهم ابني؛ ليتك ذهبت إلى الهلالي!
صمت متأثرا بدفقة غيظ مجهولة البواعث فراحت تقول: إنك لا تحسن التصرف!
فقلت بازدراء: أود أن أفلق رأسك! - هل رجعت إلى الأفيون؟
فقلت ساخرا: لا يطمع إليه اليوم إلا الوزراء!
ثم استطردت: الهلالي لا يدري شيئا عن مكانه.
فتساءلت بقلق: زرته؟ - لا يدري شيئا عن مكانه. - أين ذهب ابني؟ هل أخلى شقته؟ - لا. - سيرجع ... لعل في الأمر امرأة. - تفكير ينسجم مع امرأة مثلك!
Página desconocida