بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فإن العناية بكتب الإمام الحافظ أبي الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدَارَقُطْني -المولود سنة ٣٠٦، والمتوفى سنة ٣٨٥ - رحمه الله تعالى؛ من أولى ما صُرفت فيه الأوقات، ومن أزكى ما بُذلت فيه الساعات، لتفردُّه في وقته بمعرفة علم الحديث، ورجالِه، وعللِه، وأحوالِه.
وكتابُ «الأَفْراد» من تأليفه ﵀ كتابٌ فريد في بابه، مفيدٌ لمن اعتنى به، ساق فيه الأحاديثَ التي وقع فيها تفرّدٌ في إحدى طبقات الإسناد، وبيَّن بعدَ كل حديثٍ منها موضعَ التفرد فيه، وتكلم على العلل والاختلاف في مواضعَ من الكتاب، فجاء كتابًا حافلًا، في مائة جزءٍ حديثي.
وظل العلماء يتوارثون هذا الكتابَ جيلًا عن جيل، روايةً وسماعًا، له كاملًا، ولأجزاءَ متفرقةٍ منه، ويستفيدون منه، وينقلون ما فيه، لكن لم يُعثر منه اليومَ على نسخة كاملة.
ولما كان الكتاب غيرَ مرتبٍ رتبه الإمام الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي، المعروف بابن القَيْسَراني (٤٤٨ - ٥٠٧) رحمه الله تعالى، في كتابه: «أطراف الغرائب والأفراد»، فجعله على مسانيد الصحابة، مختصِرًا أحاديثه بالاقتصار على طَرَفها الأول، ناقلًا كلام الدارقطني عليها مختصَرًا، جامعًا في موضع واحد ما تفرق من كلامه، فحَفِظ بعمله هذا جزءًا كبيرًا من الكتاب.
وهذا الكتابُ الذي أضعه بين يديك -أيها القارئ- يضم خمسة أجزاءَ متفرقةً من كتاب «الأفراد»، هي: الثاني، والثالث، والرابع، والسادس، والثالث والثمانون.
1 / 5