فابتسم يوسف قائلا: الآن؟ - نعم الآن، ها السفر.
ثم تناولت من صدرها كيسا من حرير بديع الصنع، وفتحته فظهرت فيه ورقة فتناولها يوسف وفتحها، فإذا هي نسخة من «سفر التكوين» بخط ليلى، فسطع محياه نورا ونظر إليها، فإذا بها تقدم له قلما سيالا فتناوله وكتب في رأس الورقة:
إلى القوة الفاعلة: ليلى
ثم وقع عليها هكذا:
الذرة المنفعلة
يوسف
فتناولت ليلى الورقة منه، ونظرت فيها وهي تزمهر ثم قالت له: هذا سفر التكوين يا يوسف، فأين سفر الرؤيا الذي يتم به الكتاب المقدس؟ - لقد مر زمان الرؤيا ونحن في ساعة الدينونة يا ليلى، فكيف أعلم أنك غفرت إثمي؟
فمدت له يدها مرتجفة فتناولها وقلبه ينتفض ووضعها على فمه، وكأن القوة فارقتهما حينذاك فكانا كتمثالين صاغتهما الطبيعة مرة في عمر الأبدية، ولم تعد تعرف كيف تصوغ مثلهما ثانيا، ولولا حركة في الغرفة المجاورة ما استطاعت يده أن تفلت يدها ولا يدها يده.
وبعد هنيهة قال يوسف: وماذا بعد هذا يا ليلى؟ - ماذا بعد تجاذب الجرمين؟ - الألفة. - إذن كلانا واحد. - وليس في العالم ما يزيدنا ألفة، فنحن في لغة الطبيعة زوجان. - بلا إكليل؟ - الإكليل للأجساد لا للأرواح، للمواد لا للقوات. - إذن نحن زوجان بالروح. - نعم، لا بالمادة. - لا تهمني المادة يا يوسف. - إذن نحن في غبطة لا يدركها سوانا.
كيف اهتدت ليلى إلى يوسف؟
Página desconocida