85

Adab Sharciyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Editorial

عالم الكتب

Número de edición

الأولى

Ubicación del editor

القاهرة

Géneros

Sufismo
وَاسْتِغْفَارٌ بِاللِّسَانِ، وَتَرْكٌ بِالْجَوَارِحِ، وَإِضْمَارُ أَنْ لَا يَعُودَ.
وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ: قَالَ عُمَرُ، وَأُبَيُّ وَمُعَاذٌ ﵃: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ أَنْ يَتُوبَ ثُمَّ لَا يَعُودَ إلَى الذَّنْبِ كَمَا لَا يَعُودُ اللَّبَنُ إلَى الضَّرْعِ كَذَا قَالَ وَالْكَلَامُ فِي صِحَّتِهِ عَنْهُمْ، ثُمَّ لَعَلَّ الْمُرَادَ التَّوْبَةُ الْكَامِلَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهَا.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هِيَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ بِاللِّسَانِ، وَيَنْدَمَ بِالْقَلْبِ، وَيُمْسِكَ بِالْبَدَنِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إضْرَارٌ أَنْ لَا يَعُودَ، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ عُمَرَ أَلَا إنَّ التَّوْبَةَ النَّصُوحَ أَنْ يَتُوبَ الْعَبْدُ مِنْ الذَّنْبِ وَهُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ أَنْ لَا يَعُودَ.
وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ: نُصُوحًا بِضَمِّ النُّونِ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِثْلُ الْقُعُودِ يُقَالُ: نَصَحْتُ لَهُ نُصْحًا وَنَصَاحَةً، وَنُصُوحًا وَقِيلَ: أَرَادَ تَوْبَةَ نُصْحٍ لِأَنْفُسِكُمْ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا قِيلَ هُوَ مَصْدَرٌ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ: نَاصِحَةً عَلَى الْمَجَازِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «التَّوْبَةُ مِنْ الذَّنْبِ أَنْ يَتُوبَ مِنْهُ ثُمَّ لَا يَعُودَ فِيهِ» وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إنْ صَحَّ الْخَبَرُ ثُمَّ يَنْوِي أَنْ لَا يَعُودَ فِيهِ.
وَقَالَ فِي الشَّرْحِ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «النَّدَمُ تَوْبَةٌ» قِيلَ: التَّوْبَةُ النَّصُوحُ تَجْمَعُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ: النَّدَمُ بِالْقَلْبِ، وَالِاسْتِغْفَارُ بِاللِّسَانِ، وَإِضْمَارُ أَنْ لَا يَعُودَ، وَمُجَانَبَةُ خُلَطَاءِ السُّوءِ، قَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ فَصْلٍ، وَلَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْ ذَنْبٍ مَعَ الْإِقَامَةِ عَلَى مِثْلِهِ مِنْ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ فِي مَكَان آخَرَ أَوْ غَيْرِهَا فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَلَعَلَّ مَنْ اعْتَبَرَهُ يَقُولُ: مَعَ عَدَمِ الْمُجَانَبَةِ يَخْتَلُّ الْعَزْمُ، أَوْ يَقُولُ: الْمُخَالَطَةُ ذَرِيعَةٌ، وَوَسِيلَةٌ إلَى مُوَاقَعَةِ الْمَحْظُورِ وَالذَّرَائِعُ مُعْتَبَرَةٌ، وَلِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تُشْبِهُ التَّفَرُّقَ فِي قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ وَلِهَذَا جَعَلَهَا ابْنُ عَقِيلٍ أَصْلًا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِي قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ

1 / 86