84

Adab Sharciyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Editorial

عالم الكتب

Número de edición

الأولى

Ubicación del editor

القاهرة

Géneros

Sufismo
فِي الرِّعَايَةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْإِرْشَادِ وَزَادَ: وَأَنْ يَكُونَ إذَا ذَكَرَهَا انْزَعَجَ قَلْبُهُ، وَتَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ وَلَمْ يَرْتَحْ لِذِكْرِهَا وَلَا يُنَمِّقُ فِي الْمَجَالِسِ صِفَتَهَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ تَوْبَةً، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعْتَذِرَ إلَى الْمَظْلُومِ مِنْ ظُلْمِهِ مَتَى كَانَ ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا مُطْمَئِنًّا عِنْدَ ذِكْرِهِ الظُّلْمَ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ النَّدَمِ، وَقِلَّةِ الْفِكْرَةِ بِالْجُرْمِ السَّابِقِ، وَعَدَمِ الِاكْتِرَاثِ بِخِدْمَةِ الْمُعْتَذِرِ إلَيْهِ وَيُجْعَلُ كَالْمُسْتَهْزِئِ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ أَمْ لَا، كَذَا قَالَ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ تَمَكُّنَ الْمُنَازَعَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَقْتَ النَّدَمِ. وَالْغَرَضُ النَّدَمُ الْمُعْتَبَرُ وَقَدْ وُجِدَ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى اعْتِبَارِ تَكَرُّرِهِ كُلَّمَا ذَكَرَ الذَّنْبَ؟ وَإِنَّ عَدَمَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ النَّدَمِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ، وَعَدَمُ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: ﵇ «النَّدَمُ تَوْبَةٌ» أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَهِيَ تَجْدِيدُ النَّدَمِ إذَا ذَكَرَهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْبَاقِلَّانِيِّ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ تَوْبَتَهُ السَّابِقَةَ لَا تَبْطُلُ بِمُعَاوَدَةِ الذَّنْبِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي بُطْلَانِهَا بِالْمُعَاوَدَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ النَّدَمَ تَوْبَةٌ مَعَ شَرْطِ الْعَزْمِ أَنْ لَا يَعُودَ، وَرَدِّ الْمَظْلِمَةِ مِنْ يَدِهِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: النَّدَمُ مَعَ هَذِهِ الشَّرَائِطِ هُوَ التَّوْبَةُ، وَلَيْسَ فِيهَا شَرْطٌ بَلْ هِيَ بِمَجْمُوعِهَا تَوْبَةٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «النَّدَمُ تَوْبَةٌ» وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: أَجْمَعْنَا عَلَى احْتِيَاجِهَا إلَى الْعَزْمِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ وَلَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ التَّوْبَةُ كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ شَرْطِهَا الطَّهَارَةُ، وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِهَا وَلَيْسَتْ هِيَ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ هِيَ النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ الذَّنْبِ فَمَنْ ادَّعَى الزِّيَادَةَ عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ اللُّغَةُ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ انْتَهَى كَلَامُهُ. وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَزْمَ رُكْنٌ، وَالْأَمْرُ فِي هَذَا قَرِيبٌ فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُمْ. وَإِنْ كَفَّ حَيَاءً مِنْ النَّاسِ لَمْ تَصِحَّ، وَلَا تُكْتَبُ لَهُ حَسَنَةً، وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ، وَهِيَ التَّوْبَةُ النَّصُوحُ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ قَالَ: نَدَمٌ بِالْقَلْبِ

1 / 85