وقيل له: يا أبا سعيد! هل نرى الله -عز وجل- في دار الدنيا؟ فقال: لا، قيل: فهل نراه في دار الآخرة؟ قال: نعم، قيل: وما الفرق بين ذلك؟ فقال: إن الدنيا فانية، وفان كل ما فيها، وإن الآخرة باقية، وباق كل ما فيها، ومحال أن يرى الباقي بالفاني، والقديم الأزلي بالمحدث، فإذا كان يوم القيامة، خلق الله -عز وجل- لعباده أبصارا باقية، يرون بها ربهم؛ تفضلا عليهم، وإكراما لهم.
وكان يقول: روي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو راقد على سرير مرمول بالشريط، وقد أثر في جنبه أثر الحبل، فدمعت عيناه، فقال النبي -عليه السلام-: ((ما لك يابن الخطاب؟))، فقال: ذكرت كسرى وقيصر، وما هما فيه من الملك والنعم؛ ورأيتك وأنت رسول الله، وصفيه، ومصطفاه، وحبيبه، تنام على سرير مرمول بالشريط! فقال -عليه السلام-: ((أما ترضى يا عمر أن يكون لهما الدنيا، ولنا الآخرة؟))، فقال: رضيت يا رسول الله، قال -عليه السلام-: ((فاعلم يا عمر أن الأمر كذلك))، وقال -عليه السلام-: ((إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب سافر في يوم صائف، فرفعت له شجرة ذات ظل ظليل، فقال تحتها، ثم راح وتركها)).
قال الحسن: ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويلبس الصوف، ويلعق أصابعه، ويأكل على الأرض، ويقول -عليه السلام-:
Página 67