Literatura Infantil: Una Introducción Muy Corta
أدب الأطفال: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
وقد ظهر العديد من الكتب التثقيفية المثيرة للتفكير المماثلة في سنوات ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، ومن بينها رواية «إيدي والغجر» (1935، مترجمة عن النسخة الألمانية التي ظهرت عام 1932) للكاتب أليكس ويدينج (الاسم المستعار لجريت وايسكوف). وتدور أحداث هذه القصة التي تتناول صداقات الطفولة بين المجموعات العرقية في حي للطبقة العاملة في برلين، وتتضمن صورا فوتوغرافية بعدسة جون هارتفيلد (اسمه الحقيقي هيلموت هيرزفيلد، ويعرف بصوره المركبة المعادية للفاشية). وعلى غرار رواية «إيدي والغجر»، وتماشيا مع سياسة التعاون الدولي التي ميزت السياسات والفنون التقدمية في ذلك الوقت، غالبا ما كانت هذه الكتب تظهر خارج المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
إن اختفاء الكتب التي تهدف إلى صقل مهارات القراء وتحفزهم على الحراك السياسي، إنما يدل على التغيرات التي طرأت على الكيفية التي يطالب بها أدب الأطفال القراء الصغار بالتفكير في أدوارهم ومسئولياتهم في العالم الذي سيمسكون بزمام أمره حين يكبرون. وفي كتاب «ملعب ما بين المجرات» (2009)، تتبع فرح ميندلسون الانتقال من نصوص ما قبل ستينيات القرن العشرين - التي تسعى إلى خلق كفاءة عملية وفكرية لدى قرائها، وتتضمن مناقشات ثرية وتفصيلية لكيفية عمل الأدوات والأفكار - إلى نصوص ما بعد ستينيات القرن العشرين - التي تركز على الذكاء العاطفي، وتتعامل مع الأنواع الأخرى من المعلومات على أنها إما دون المستوى أو مبهمة. ورغم أن ميندلسون تكتب عن الخيال العلمي، فإن النمط الذي تحدده ينطبق كذلك على الأعمال القصصية الشبابية بصورة أعم (فالأعمال الموجهة للصغار أقل تأثرا بهذا النمط).
مستقبل يملؤه الذعر
لا يعد التغيير الذي طرأ في النصف الثاني من القرن العشرين، من الثقة والإثارة بشأن المستقبل إلى التشاؤم منه، بالأمر المثير للدهشة بعد أن شهد العالم حربين عالميتين، والهولوكوست، وتصنيع الأسلحة الذرية واستخدامها، والقلق العام من التلوث والمبيدات بعد نشر كتاب «الربيع الصامت» (1962) لراشيل كارسون. وعلى الرغم من حقيقة أنه وفقا لمقياس نيسبيت، فإن عقود ما بعد الحرب شهدت تحسنا هائلا في الطريقة التي يعيش بها الغرب، بدءا من منتصف القرن العشرين فصاعدا، كانت هناك مخاوف شديدة بشأن الكوارث المحتملة المرتبطة بالتحديد بنوعيات الاختراعات التكنولوجية التي نسب لها من قبل الفضل في تحسين أسلوب الحياة. ومن ستينيات إلى ثمانينيات القرن العشرين، كان أدب الأطفال يصور بانتظام سيناريوهات معركة هرمجدون التي خلقتها كوارث الحرب النووية وسيطرة الماكينات على حياة البشر، وتتمثل أبرز الأمثلة على ذلك في رواية «زكريا» (1973) للكاتب روبرت سي أوبراين، ورواية «أخي في الأرض» (1984)، للكاتب روبرت سويندلز، ورواية «أطفال الغبار» (1985) للويس لورانس. ومن حين إلى آخر، تتعرض هذه الرؤية للمعارضة كما هو الحال في ثلاثية بيتر ديكنسون «التغيرات» (1968-1970).
تدور أحداث رواية ديكنسون في وقت غير محدد من المستقبل، على الرغم من أنه يمكن معذرة القراء لظنهم أن الأحداث تدور في ماض بديل، حيث إن المستقبل الذي تصوره هذه الثلاثية هو مستقبل رفض التكنولوجيا وعاد إلى أسلوب حياة العصور الوسطى القائم على الزراعة. إن ثلاثية «التغيرات» تنتمي إلى جنس أدبي فرعي يفترض أن عالم المستقبل سوف يرتد بالضرورة إلى طريقة العيش هذه. ومع ذلك، فإن هذا الجنس الأدبي غريب من حيث إن أي جاذبية سطحية قد تنطوي عليها إعادة صياغة المستقبل في صورة الماضي ستتلاشى بإظهار هذا المستقبل في صورة عالم كئيب يسوده القمع والجهل والمحاباة والخوف. ومن خلال إحياء أساليب العيش القديمة في المستقبل، تطالب ثلاثية «التغيرات» بأن يدرك القارئ أن الماضي ليس زمانا أفضل للعيش فيه، وأن الحياة العصرية بوجه عام في أكثر البلدان تقدما أكثر راحة وليبرالية على المستوى السياسي من أي وقت مضى.
لكن ما ينقص ثلاثية ديكنسون هو الإحساس بكيف يمكن تحقيق مستقبل أفضل، وإشارة لما قد يبدو عليه هذا المستقبل. إن هذا الصمت إنما يدل على فقدان ذلك التفاؤل - والذي بدأ مبكرا في النصف الثاني من القرن المنصرم - والرؤية اللذين كانا فيما سبق يمثلان أساس قصص الأطفال التي تتحدث عن المستقبل. فبدلا من النهايات السعيدة التي تأتي في شكل تصورات إيجابية محتملة للمستقبل، أصبح القراء الصغار منذ ستينيات القرن العشرين يمنحون جرعات من التكهنات الكئيبة التي تحمل بين طياتها الكوارث والدمار؛ مما يجعل من الروايات المستقبلية الخاصة بالصغار جزءا جوهريا ومؤثرا من الجنس الأدبي المسمى ب «المآسي البيئية» الذي أنشأه كل من الخبيرين الاستراتيجيين البيئيين تيد نوردهاوس ومايكل شيلينبرجر.
في الدراسة التي أجراها نوردهاوس وشيلينبرجر عن الحالة الراهنة للسياسات البيئية، والتي تحمل عنوان «طفرة: من نهاية حماية البيئة إلى سياسات الاحتمال» (2007)، يوضح الكاتبان أن النماذج العلمية والسياسية الحالية «غير ملائمة إطلاقا لفهم الاحترار العالمي والأزمات البيئية الأخرى والتعامل معها». ومع ذلك، فإنها لا تزال تتحكم في التفكير والسياسات والسلوكيات. ويتعقب الكاتبان التأثير المستمر للنماذج الفكرية والسياسية والاجتماعية عتيقة الطراز على نوعيات القصص التي نرويها عن أنفسنا، والكيفية التي نعيش بها وننظم بها المجتمع من حولنا، وكذلك - بوجه خاص - علاقتنا بالطبيعة. ومن خلال التركيز حصريا على الطرق السلبية التي أثر بها الناس على الكوكب، فإن المآسي البيئية - كما يزعمان - «تثير النزعات الجبرية والمحافظة والبقائية». مثل هذه النصوص لا تتجاهل التقدم فحسب، بل ابتكرت كذلك قصصا مأساوية بيئية تصر على أن البشر لن يكون لديهم مستقبل إلا إذا رفضوا التطورات الجديدة في العلوم والتكنولوجيا وعادوا إلى أساليب العيش في الماضي. وقد حددت ثلاثية «التغيرات» مشكلات هذا السيناريو، ولكن يبدو أن النسيان قد طوى ما حملته من دروس في الأعمال القصصية الحديثة عن المستقبل الموجهة للصغار.
المستقبل المأسوي للبيئة
هناك مجموعتان من القصص المستقبلية المحبوبة، والتي تتمتع بقاعدة عريضة من القراء من إنتاج العقد الماضي، تجسد الاتجاهات المأسوية البيئية في الكتابة للصغار. تدور أحداث سلسلة «حكايات المدينة الجائعة» (2001-2006)، للكاتب فيليب ريف، في المستقبل البعيد، بعد ألف عام من حرب الستين دقيقة التي نسف فيها العالم الذي نعرفه بأسلحة فتاكة لدرجة أن كوكب الأرض يدمر تماما وإلى الأبد. يعيش معظم الناس في مجتمعات حضرية هرمية بالمعنى الحرفي للكلمة؛ حيث يعيش الأغنياء والأقوياء في أعلى المستويات ويتمتعون بهواء نظيف وإمكانية تناول الطعام الطازج ورؤية الخضرة، في حين تعيش الطبقات الأدنى تحتهم في مستويات تزداد ظلمة وبؤسا. هذه المدن الجديدة تعمل وفقا لآليات نسخة متطرفة من النظام الرأسمالي تعرف باسم الداروينية المحلية؛ أي مدن «تأكل» مدنا أخرى من أجل البقاء، والمهارات التقنية التي نعتبرها اليوم من المسلمات هي محض أساطير. وبالرغم من موروث الكوارث التكنولوجية، فإن البشرية في الديستوبيا التي يصورها فيليب ريف لم تصبح أكثر حكمة - فقد أعيد اكتشاف ونشر عناصر ابتكار الأسلحة نفسها التي دمرت العالم من البداية بنهاية الكتاب الأول. ولكن بنهاية السلسلة، تفعل طريقة بديلة للعيش بعد أن يقتل عشر السكان عمدا ويعاد البقية إلى الطبيعة مرة أخرى.
تصور رباعية «القبحاء» (2005-2007) للكاتب سكوت ويسترفيلد مستقبلا يلي ثبوت أن اعتماد البشر على الوقود الحفري غير مستدام، وفيه تقوم مجموعة قوية - ولكنها سرية إلى حد كبير - بتجريد العامة من حقوقهم. فقد ابتكرت هذه المجموعة طريقة للتحكم في الناس تتضمن جراحة شاملة في سن السادسة عشرة، وذلك - ظاهريا - لجعل كل شخص نموذجا بشريا مثاليا على المستوى الجسدي ، والفائدة المقترنة بصفة «الجمال» هي نمط حياة خال من العمل والحاجة والقلق. ولكن، ما لا يعرفه هؤلاء «الحسان» هو أن الجراحين الذين أجروا لهم الجراحة قد أجروا كذلك تغييرات في أدمغتهم بهدف السيطرة على عقولهم، والتي من شأنها أن تحبسهم في مرحلة النرجسية والاهتمام بالأقران من سن المراهقة، والتي يمثل فيها الخوف من عدم الانتماء والتمتع بالمظهر الجيد في حد ذاته قوة مؤثرة للسيطرة على المجتمع وتحقيق الامتثال بتقاليد المجتمع. إن تحديد مرحلة الشباب كأكثر الأوقات فاعلية للتدخل بغرض السيطرة طويلة المدى على المجتمع، وإظهار الشباب في تلك المرحلة كأشخاص يتصفون بالصبيانية، يضع قصة «الحسان» ضمن مجموعة متنامية من روايات المستقبل التي تقدم مجتمعات تستخدم طرقا متطرفة للسيطرة على المراهقين وتقلل من أعدادهم. وبغض النظر عن الطريقة التي تقرأ بها مثل هذه الروايات، فإنها تتوقع أن المستقبل سيكون فترة عصيبة لصغار السن.
Página desconocida