إن أخطأ، وغير ممدوح إن أصاب. وهذا حال لا يرضى بها من نصح نفسه وهُدِي لرشده، والله الموفق» (٢/ ٣٤٥).
وإذا ذكر مسألة مختلفًا فيها وقف موقف الحكم بين الخصوم، يذكر مآخذ الأقوال وحجج أصحابها وما لهم وما عليهم من المنقول والمعقول، ثم يُتبعها بالمناقشة العلمية الدقيقة، إلى أن يخلص إلى القول الراجح الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة وعمل الصحابة والقياس الصحيح. وقد أرشد المفتي إلى الاختيار والترجيح بين الأقوال وعدم التعصب لرأي إمام، فقال: «لا يجوز للمفتي أن يعمل بما شاء من الأقوال والوجوه من غير نظر في الترجيح ولا يعتد به، بل يكتفي في العمل بمجرد كون ذلك قولًا قاله إمام أو وجهًا ذهب إليه جماعة، فيعمل بما يشاء من الوجوه والأقوال» (٥/ ٩٥).
ومن عادة المؤلف أن يميل إلى أوسط المذاهب ويختار أعدل الأقوال، ويؤيد ذلك بنصوص الكتاب والسنة وآثار السلف، ومن أمثلة ذلك موقفه من القياس وردُّه على من قال: إن النصوص لا تحيط بأحكام الحوادث ولا بعُشر معشارها، فالحاجة إلى القياس فوق الحاجة إلى النصوص، وردُّه على الظاهرية المنكرين للقياس والقائلين بأنه باطل محرَّم في الدين، وترجيحه لما عليه سلف الأمة وأئمتها والفقهاء المعتبرون من شمول النصوص للأحكام مع إثبات الحكمة والتعليل (٢/ ١٤٧ وما بعدها). وقد اتبع في ذلك شيخه شيخ الإسلام. ومن أمثلة ذلك كلامه في حكم العمل بالسياسة (٥/ ٤٠٥) ومسألة شفعة الجوار حيث رجح فيها أوسط المذاهب وأجمعها للأدلة وأقربها إلى العدل (٢/ ٤٦٨).
وكان يمهّد للمسألة بذكر قاعدة أو أكثر ينبغي مراعاتها عند الكلام
المقدمة / 49