منهج المؤلف فيه
ذكر الشيخ بكر أبو زيد في كتابه «ابن قيم الجوزية» (ص ٨٥ - ١٢٨) معالم منهج المؤلف في البحث والتأليف، وبعد التتبع والاستقراء تحدَّث عن تلك الخصائص والسمات البارزة التي تميزت بها مؤلفاته في اثني عشر جانبًا، وهي: الاعتماد على الأدلة من الكتاب والسنة، وتقديم أقوال الصحابة ﵃ على مَن سواهم، والسعة والشمول، وحرّية الترجيح والاختيار، والاستطراد التناسبي، والاهتمام بمحاسن الشريعة وحكمة التشريع، والعناية بعلل الأحكام ووجوه الاستدلال، والحيوية والمشاعر الفياضة بأحاسيس مجتمعه، والجاذبية في أسلوبه وبيانه، وحسن الترتيب والسياق، وظاهرة التواضع والضراعة والابتهال، والتكرار.
وإذا نظرنا في «أعلام الموقعين» وقرأنا فيه نجد هذه الخصائص بارزةً أمامنا في كل فصلٍ من فصوله، فهو عندما يبحث أيَّ مسألة يعتمد على الكتاب والسنة ويحشد نصوصهما، ثم يأتي بأقوال الصحابة، لأنهم «الذين شاهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل، وفهموا مقاصد الرسول، والفرق بينهم وبين مَن بعدهم في ذلك كالفرق بينهم وبينهم في الفضل» (١/ ١٧٣). ثم يستدلُّ بالقياس الصحيح والمعقول. وقد ذكر هذا الترتيب في موضع من كتابه فقال: «النوع الرابع من الرأي المحمود: أن يكون بعد طلب علم الواقعة من القرآن، فإن لم يجدها في القرآن ففي السنة، فإن لم يجدها في السنة فبما قضى به الخلفاء الراشدون أو اثنان منهم أو واحد، فإن لم يجده فبما قاله واحدٌ من الصحابة ﵃، فإن لم يجده اجتهدَ رأيه ونظر في أقرب ذلك من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وأقضية أصحابه. فهذا هو الرأي
المقدمة / 46