فأوسع الإطلاقات إطلاق المحدثين، الذين يقصدون بالسنة كل أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خلقية، أو سيرة سواء أكان ذلك قبل البعثة كتحنثه في غار حراء، أو بعدها، وسواء أثبت ذلك حكما شرعيا أم لا.
والسنة بهذا المعنى مرادفة للحديث النبوي.
أما القول فهو أحاديثه التي قالها في مختلف المناسبات، كقوله: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى ... »، وقوله: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، وقوله: «لا ضرر ولا ضرار»، وقوله في البحر: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته».
وأما الفعل فهو أفعاله التي نقلها إلينا الصحابة، مثل وضوئه، وأدائه الصلوات الخمس بهيئاتها وأركانها، وأدائه - صلى الله عليه وسلم - مناسك الحج، وما إلى ذلك.
وأما التقرير فكل ما أقره الرسول - صلى الله عليه وسلم -، مما صدر عن بعض أصحابه من أقوال وأفعال، بسكوت منه وعدم إنكار، أو بموافقته وإظهار استحسانه وتأييده، فيعتبر ما صدر عنهم بهذا الإقرار والموافقه عليه صادرا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك ما أخرجه أبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه - أنه خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدا طيبا فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: «أصبت السنة». وقال للآخر: «لك الأجر مرتين».
وقد تطلق السنة في مقابلة البدعة، فيقال: «فلان على سنة» إذا عمل على وفق ما عمل عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، سواء أكان ذلك مما نص عليه الكتاب أم لم يكن. ويقال: «فلان على بدعة» إذا عمل على خلاف ذلك.
والبدعة لغة هي الأمر المستحدث، ثم أطلقت في الشرع على كل ما أحدثه
Página 18