جلس زربة أمام باب دكان ناصر المسحور في بيته المجاور للمقبرة، وسأله عن حاله، رد غاضبا: مرتي
28
تسرقني يا زربة، تعطي أصحابها، طلقتها عشر مرات وهي ما رضيت تخرج من البيت، اللعين بنت اللعين. لقب بالمسحور لفقدانه التركيز للحظات يسبب ذلك له خسارة أحيانا، ولولا مراقبة ابنه محمود البالغ العاشرة من العمر وهو يبيع، لتعرض لخسارة فادحة. وصادف منصور النحال ووجهه متورم؛ بسبب لسعات الدبابير عندما كان يخرب خليتهم في جرف قريب من القرية، وقد قضى خمسة أيام غير قادر على الرؤية؛ بسبب الورم حول عينيه.
9
بينما كان زربة في السوق يضحك على ما جرى للنحال، سمع عويلا وصياحا مفاجئا في القرية، واتضح أن ثور الجزار مقبل الدسم قد نطح زوجته الثانية زعفران وهرب كالمجنون من الزرب. أسرع الحاضرون يهرولون خلفه في الحقول المزروعة. كان مقبل يصيح: يا خلق الله، الثور قتل زعفران، يا غارتاه، خدعني صاحب قرية «المعزاج»، الثور حقه مجنون.
استخدموا الحجار لإرجاع الثور وهو يدهس الزرع. كان هائجا والزبد يخرج من فمه. حاصروا الثور في نهاية أحد الحقول، لكنه عاد يجري في اتجاههم فهربوا من أمامه، ووثب بعضهم إلى الحقل الأسفل، ومنهم من تسلق كالقرد جدار الحقل، وبقي بعضهم يجرى أمام الثور في رعب. توقف زربة عن كركرته واستعد لمواجهة الثور معهم. أخذ حبلا وهو في الحقل الأعلى وعقد فيه دائرة، كما شاهد رعاة البقر يفعلون في الأفلام الأمريكية، وبعد عدة محاولات من رميه للحبل التف حول رقبة الثور، فجذب الحبل إلى الأعلى، وساعده الجميع حتى كاد الثور أن يختنق، ثم قفز زربة مسرعا وقبض على فكه الأسفل، وأخذ يلوي رقبته بقوة إلى أن طرحه أرضا، وحلق الناس معه يكبلون الثور بالحبل. صاح مقبل الجزار: شنكلوه، شنكلوه
29
هذا المجنون، المكلف
30
ما تقدرش تتنفس.
Unknown page