57

Zuhr Islam

ظهر الإسلام

Genres

وما على العاقل إن يكثروا

فإنه أكثر للفي

59

نعم، ربما كان هذا نتيجة لسوء العلاقة بين المسلمين والروم، ومهاجمة الروم لبلاد المسلمين من حين لحين، ولكن مهما كان الأمر فهي حالة سيئة تدل على ضيق العقل، ومخالفته للنظر الواسع الحكيم الذي أمر به الإسلام، ونفذه خلفاء المسلمين الأولون، وعلى رأسهم عمر بن الخطاب في حكمة ورفق! وكان هذا أيضا مما أفسد قلوب عدد كبير من الرعية كان يستخدم من قبل في مصلحة الدولة، وحرك عددا منهم للثورة، كثورة نصارى أرمينية على محمد بن يوسف عامل المتوكل على أرمينية وأذربيجان، وقتلهم إياه

60

ونحو ذلك.

وقد أراد بعض من أتى بعد المتوكل من الخلفاء أن يزيلوا هذه المظاهر أو بعضها، كالذي فعل المنتصر، فقد أراد أن يعيد الاعتزال إلى سلطانه، وأراد أن يحسن صلته بالبيت العلوي، ولكن لم تطل مدته، ولم يمكنه الزمان ولا حالة الناس من تنفيذ ما أراد.

لم يكن لهذا النوع من الأتراك مدنية وحضارة قديمة؛ إذ كانوا بدوا أو أشبه بالبدو، فلم يكن شأنهم عندما اندمجوا في المملكة الإسلامية شأن الفرس؛ فالفرس عندما فتحت بلادهم، وأسلم كثير منهم واندمجوا في المملكة الإسلامية، أعطوا وأخذوا، وانتفع بهم المسلمون من ناحية الثقافة: بمثل الكتب التي نقلت من الفارسية إلى العربية، ومثل الألفاظ الفارسية التي نقلت إلى العربية، ومثل نظم الحكم التي أتقنوها في مملكتهم، إلى غير ذلك مما شرحناه قبل، كما أخذوا هم عن العرب اللغة والدين، وكان من الفرس رجال مثقفون ثقافات واسعة كالبرامكة، والفضل بن سهل، والحسن بن سهل، وابن المقفع، فأثروا في الثقافة الإسلامية أثرا كبيرا بما مزجوا من الثقافتين الفارسية والعربية. أما الأتراك فجاؤوا بشجاعتهم وقوة أبدانهم، وبعاداتهم وتقاليدهم لا بحضارتهم وثقافتهم، فكانوا من ناحية الحضارة والثقافة قابلين لا فاعلين، جاؤوا لا يعرفون اللغة العربية فتعلموها في بطء، ولم يتقنها بعضهم إلا بعد ذهاب الجيل الأول منهم ، فكانوا يتخاطبون بترجمان.

ويحدثنا الصولي أن «بجكم» أمير الأمراء في عهد الراضي والمتقي كان يحسن العربية فهما ولا يحسنها كلاما، «وكان يقول: أخاف أن أتكلم العربية فأخطئ في لفظي، والخطأ من الرئيس قبيح؛ فلذلك أدع الكلام».

61

Unknown page