22

Al-Zuhd li-Ibn Abīʾl-Dunyā

الزهد لابن أبي الدنيا

Publisher

دار ابن كثير

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

دمشق

Genres

Sufism
٦٣ - ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا الْخَلِيلُ بْنُ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ، قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ ﷿ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﵇: أَنْزَلَنِي مِنْ نَفْسِكَ كَهَمِّكَ، وَاجْعَلْنِي ذُخْرًا لَكَ فِي مَعَادِكَ، وَتَقَرَّبْ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ أُدْنِكَ، وَتَوَكَّلْ عَليَّ أَكْفِكَ، وَلَا تَوَلَّ غَيْرِي فَأَخْذُلَكَ. اصْبِرْ عَلَى الْبَلَاءِ، وَارْضَ بِالْقَضَاءِ، وَكُنْ كَمَسَرَّتِي فِيكَ، فَإِنَّ مَسَرَّتِي أَنْ أُطَاعَ فَلَا أُعْصَى، وَكُنْ مِنِّي قَرِيبًا، وَأَحْيِي ذِكْرِي بِلِسَانِكَ، وَلْيَكُنْ وُدِّي فِي قَلْبِكَ. تَيَقَّظْ لِي فِي سَاعَاتِ الْغَفْلَةِ، وَكُنْ لِي رَاهِبًا رَاغِبًا إِلَيَّ أَمِتْ قَلْبَكَ بِالْخَشْيَةِ " رَاعِ اللَّيْلَ لِتَحَرِّي مَسَرَّتِي، وَأَظْمِئْ لِي نَهَارَكَ لِيَوْمِكَ الَّذِي عِنْدِي، نَافِسْ فِي الْخَيْرَاتِ جَهْدَكَ، وَقُمْ فِي الْخَلِيقَةِ بِعَدْلِي، وَاحْكُمْ فِيهِمْ بِنَصِيحَتِي، فَقَدْ أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ شِفَاءَ وَسَاوِسِ الصَّدْرِ مِنْ مَرَضِ الشَّيْطَانِ وَجِلَاءِ الْأَبْصَارِ وَغِشَاءِ الْكَلَالِ، وَلَا تَكُنْ حِلْسًا كَأَنَّكَ مَقْبُورٌ وَأَنْتَ حَيٌّ تَنَفَّسُ، بِحَقٍّ أَقُولُ لَكَ: مَا آمَنَتْ بِي خَلِيفَةٌ إِلَّا خَشَعَتْ لِي، وَلَا خَشَعَتْ لِي إِلَّا رَجَتْ ثَوَابِي، أُشْهِدُكَ أَنَّهَا آمِنَةٌ مِنْ عِقَابِي مَا لَمْ تُغَيِّرْ أَوْ تُبَدِّلْ سُنَّتِي، أَكْحِلْ عَيْنَيْكَ بِمُلْمُولِ الْحُزْنِ، إِذَا ضَحِكَ الْبَطَّالُونَ احْذَرْ مَا هُوَ آتٍ مِنْ أَمْرِ الْمَعَادِ مِنَ الزَّلَازِلِ وَالْأَهْوَالِ وَالشَّدَائِدِ، حَيْثُ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا أَهْلٌ وَلَا وَلَدٌ، ابْكِ عَلَى نَفْسِكَ أَيَّامَ الْحَيَاةِ بُكَاءَ مَنْ قَدْ وَدَّعَ الْأَهْلَ، وَقَلَا الدُّنْيَا وَتَرَكَ اللَّذَّاتِ لِأَهْلِهَا، وَارْتَفَعَتْ رَغْبَتُهُ فِيمَا عِنْدَ إِلَهِهِ، وَكُنْ عَلَى ذَلِكَ ⦗٤٩⦘ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، طُوبَى لَكَ إِنْ نَالَكَ مَا وَعَدْتُ الصَّابِرِينَ. تَرَجَّ مِنَ الدُّنْيَا يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَارْضَ مِنْهَا بِالْبُلْغَةِ، وَلْيَكْفِكَ مِنْهَا الْخَشِنُ. ذُقْ مَذَاقَةَ مَا قَدْ ذَهَبَ مِنْكَ أَيْنَ طَعْمُهُ؟ وَمَا لَمْ يَأْتِكَ أَيْنَ لَذَّتُهُ؟ لَوْ رَأَتْ عَيْنُكَ مَا أَعْدَدْتُ لِأَوْلِيَائِي الصَّالِحِينَ لَذَابَ قَلْبُكَ، وَزَهَقَتْ نَفْسُكَ اشْتِيَاقًا إِلَيْهِ "

1 / 48