المتشابه بتأويل لا ترتضيه ( بعد إذ هديتنا ) بعد إذ لطفت بنا ووفقتنا طريق الهداية. أو معناه : لا تختبرنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا بعد إذ أرشدتنا إلى دينك. ونظيره قوله : ( فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم ) (1). فأضافوا ما يقع من زيغ القلوب إليه سبحانه ، لأنه كان عند امتحانه وتشديد تكليفه. و «بعد» نصب على الظرف ، و «إذ» في موضع الجر بإضافته إليه.
( وهب لنا من لدنك رحمة ) من عندك ، نعمة بالتوفيق والمعونة للثبات على الحق ، تزلفنا إليك ، ونفوز بها عندك. أو مغفرة للذنوب ( إنك أنت الوهاب ) لكل سؤل.
( ربنا إنك جامع الناس ليوم ) يجمعهم لحساب يوم أو لجزائه ، كقوله تعالى : ( يوم يجمعكم ليوم الجمع ) (2) ( لا ريب فيه ) في وقوع اليوم ، وما فيه من الحشر والجزاء. نبهوا به على أن معظم غرضهم من قولهم : ( لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة ) ما يتعلق بالآخرة ، فإنها المقصد الأصلي والمال الحقيقي.
( إن الله لا يخلف الميعاد ) أي : لا يخلف ما وعد المسلمين والكافرين من الثواب والعقاب ، فإن الإلهية تنافي خلف الميعاد. والانتقال من الخطاب إلى الغيبة للإشعار بذلك ، وتعظيم الموعود. واستدل به الوعيدية. وأجيب بأن وعيد الفساق مشروط بعدم العفو ، لدلائل قاطعة ، كما هو مشروط بعدم التوبة وفاقا.
( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا
Page 453