398

الأخرى فانكسرتا ، ثم أوحى إليه : قل لهؤلاء : إني أمسك السموات والأرض بقدرتي ، فلو أخذني نوم أو نعاس لزالتا».

( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) «من» استفهامية مرفوعة الموضوع بالابتداء ، و «ذا» خبره ، و «الذي» صفة «ذا» أو بدله. ومعنى الاستفهام الإنكار والنفي.

وهذا بيان لكبرياء شأنه وملكوته ، وأنه لا أحد يساويه أو يدانيه ، يستقل بأن يدفع ما يريده شفاعة واستكانة ، فضلا عن أن يعاوقه عنادا أو مناصبة.

والمعنى : أنه لا يملك أحد أن يتكلم يوم القيامة في شفاعة الغير إلا إذا أذن له في الكلام. وهذا زعم المشركين ، فإنهم يزعمون أن الأصنام تشفع لهم ، فأخبر الله تعالى أنه لا شفاعة عنده إلا بإذنه وأمره.

( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) الضمير لما في السموات والأرض ، لأن فيهما العقلاء ، أو لما دل عليه ( من ذا الذي ) من الملائكة والأنبياء ، أي : يعلم ما كان قبلهم وما يكون بعدهم ، ويعلم أحوالهم ، والمرتضى فيهم للشفاعة وغير المرتضى. أو يعلم ما بعدهم وما قبلهم ، عكس الأول ، لأنك مستقبل المستقبل مستدبر الماضي. أو يعلم أمور الدنيا وأمور الآخرة ، أو عكسه ، أو ما يحسونه وما يعقلونه ، أو ما يدركونه وما لا يدركونه.

( ولا يحيطون بشيء من علمه ) من معلوماته ( إلا بما شاء ) إلا بما علم واطلع عليه. والإحاطة بالشيء علما أن يعلم كما هو في الحقيقة. وعطف ذلك على ما قبله أعني : قوله : ( يعلم ما بين أيديهم ) لأن مجموعهما يدل على تفرده بالعلم الذاتي الدال على وحدانيته.

( وسع كرسيه السماوات والأرض ) هذا تصوير لعظمته وتمثيل مجرد ،

Page 403