397

الذي يسمى النعاس ( ولا نوم ) وهو حال تعرض للحيوان من استرخاء أعصاب الدماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة ، بحيث تقف الحواس الظاهرة عن الاحساس رأسا. وتقديم السنة عليه ، وقياس المبالغة عكسه ، بناء على ترتيب الوجود.

قال فخر الدين الجاربردي (1): «ويرد في خاطري أنه قدم السنة على النوم لأنه والله أعلم لا يذهب الوهم إلى جواز النوم عليه ، ويدل صريح العقل على امتناعه ، لكن يمكن أن يتوهم جواز السنة فنفاها ، ثم ذكر النوم كالتتمة للكلام. وبالجملة ، ذكر السنة أهم فقدمها» انتهى كلامه.

أقول : ويؤيد هذا القول ما زعمت اليهود أن الله يعرض له التعب واللغوب والفتور من خلق السماوات والأرض ، فلما فرغ من خلقهما يوم الجمعة يستريح يوم السبت.

والجملة نفي للتشبيه ، وتأكيد لكونه حيا قيوما ، فإن من أخذه نعاس أو نوم كان مؤف الحياة قاصرا في الحفظ والتدبير ، ولذلك ترك العاطف فيه ، وكذا في الجملة التي بعده ، وهي : ( له ما في السماوات وما في الأرض ) فإنه تقرير لقيموميته ، واحتجاج على تفرده في الألوهية. والمراد بما فيهما : ما وجد فيهما داخلا في حقيقتهما ، أو خارجا عنهما متمكنا فيهما. فهو أبلغ من قوله : له السموات والأرض وما فيهن.

روي : «أن موسى سأل الملائكة وكان ذلك من قوله كطلب الرؤية : أينام ربنا؟ فأوحى الله إليهم أن يوقظوه ثلاثا ولا يتركوه ينام ، ثم قال : خذ بيدك قارورتين مملوءتين ، فأخذهما ، وألقى الله عليه النعاس فضرب إحداهما على

Page 402