الأرواح وحفظ النفوس ، بقوله : ( يا أولي الألباب ) أي : يا ذوي العقول الكاملة تأملوا في شرع القصاص وما يتعلق به ( لعلكم تتقون ) القتل خوفا من القصاص ، أو لعلكم تعملون عمل أهل التقوى في المحافظة على القصاص والحكم به والإذعان له ، وغير ذلك من المعاصي.
( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين (180) فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم (181) فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم (182))
ثم بين سبحانه شريعة أخرى ، وهي الوصية ، فقال : ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ) أي ، حضر أسبابه وظهر أماراته ( إن ترك خيرا ) مالا. وقيل : مالا كثيرا ، لما روي عن علي عليه السلام : «أن مولى له أراد أن يوصي وله سبعمائة درهم أو ستمائة ، فمنعه وقال : قال الله تعالى : ( إن ترك خيرا ) والخير هو المال الكثير».
وهذا هو المأخوذ به عندنا ، لأن قوله عليه السلام حجة.
و ( الوصية ) مرفوع ب «كتب». وتذكير فعلها للفصل ، أو على تأويل : أن يوصي ، أو الإيصاء ، ولذلك ذكر الراجع في قوله : «فمن بدله». والعامل في «إذا». مدلول «كتب» أي : وجب لا «الوصية» ، لتقدمه عليها ( للوالدين والأقربين ) أي : لوالديه وأقاربه ( بالمعروف ) أي : بالشيء الذي يعرف العقلاء أنه لا جور فيه ولا حيف ، فلا يفضل الغني ، ولا يتجاوز الثلث. وروي عن النبي صلى الله عليه وآلهوسلم : «من لم يحسن وصيته عند موته كان نقصا في مروءته وعقله».
Page 295