( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم (178) ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون (179))
ولما بين سبحانه أن البر لا يتم إلا بالإيمان والتمسك بالشرائع ، بين أحكامها ، وبدأ بحفظ الدماء والجراح ، لأنه الأهم ، فإنه سبب بقاء الحياة الذي به انتظام العالم ، ولا تحصل العبادة إلا به ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص ) أي : فرض وأوجب القصاص ، أي : المساواة ( في القتلى ) جمع المقتول ، وهو أن يفعل بالقاتل ما فعله بالمقتول ( الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ).
روي أنه كان في الجاهلية بين حيين من أحياء العرب دماء ، وكان لأحدهما طول وفضل على الاخر ، فأقسموا : لنقتلن بالعبد منا الحر منكم ، وبالمرأة منا الرجل منكم ، وبالرجل منا الرجلين منكم ، بجراحة منا جراحتين منكم ، ونتزوج بنسائكم بغير مهور ، فلما جاء الإسلام تحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمر فيها أن يتقابلوا على طريق المساواة. ولا خلاف أن المراد به قتل العمد ، فإن العمد هو الذي يجب فيه القصاص ، دون الخطأ المحض وشبيه العمد. قال الصادق عليه السلام : «لا يقتل حر بعبد ، ولكن يضرب ضربا شديدا ، ويغرم دية العبد». ولا يقتل الرجل بالمرأة ، إلا إذا أدى إلى أهله نصف ديته.
Page 291