الوسط ، ونحن شهداء الله على خلقه ، وحجته في أرضه». وفي رواية أخرى قال : «إلينا يرجع الغالي ، وبنا يلحق المقصر».
وروى أبو القاسم الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفضيل بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي ، عن علي عليه السلام : أن الله تعالى إيانا عني بقوله : ( جعلناكم أمة وسطا ) (1).
( لتكونوا شهداء على الناس ) علة للجعل ، أي : لتعلموا بالتأمل فيما نصب لكم من الحجج وأنزل من الكتاب أنه تعالى ما بخل على أحد وما ظلم ، بل أوضح السبل وأرسل الرسل ، فبلغوا ونصحوا ، ولكن الذين كفروا حملتهم الشهوات النفسانية على الإعراض عن الآيات البينة ، فتشهدون على معاصريكم وعلى الذين قبلكم وبعدكم ( ويكون الرسول عليكم شهيدا ) أي : شاهدا عليكم بما يكون من أعمالكم ، فيزكيكم ويعلم بعدالتكم.
روي : «أن الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغ الأنبياء ، فيطالب الله الأنبياء بالبينة على أنهم قد بلغوا وهو أعلم بهم ، إقامة للحجة على المنكرين ، فيؤتى بأمة محمد صلى الله عليه وآلهوسلم فيشهدون لهم ، فتقول الأمم : من أين عرفتم؟ فيقولون : علمنا ذلك بإخبار الله تعالى في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق ، فيؤتى بمحمد صلى الله عليه وآلهوسلم فيسأل عن حال أمته ، فيشهد بعدالتهم».
وهذه الشهادة وإن كانت لهم ، لكن لما كان الرسول كالرقيب المهيمن على أمته عدي ب «على» ، كما في قوله : ( كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ) (2). وأخرت الصلة أولا لأن الغرض في الأول إثبات شهادتهم على الأمم ، وقدمت آخرا للدلالة على اختصاصهم بكون الرسول شهيدا عليهم.
Page 255