234

وعن أمير المؤمنين عليه السلام : «أول شيء نزل من السماء إلى الأرض لهو البيت الذي بمكة ، أنزله الله ياقوتة حمراء ، ففسق قوم نوح في الأرض ، فرفعه» (1).

روي عن الباقر عليه السلام : أن إسماعيل أول من شق لسانه بالعربية ، وكان أبوه يقول له وهما يبنيان البيت : يا إسماعيل هابي ابن ، أي : أعطني حجرا ، فيقول له إسماعيل بالعربية : يا أبة هاك حجرا ، فإبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة.

( ربنا ) أي يقولان : ربنا. وهذا الفعل المقدر في محل النصب على الحال ، أي : حال كونهما يقولان : ( ربنا تقبل منا ) وفيه دلالة على أنهما بنيا الكعبة مسجدا لا سكنا ، لأنهما طلبا من الله القبول الذي معناه الإثابة ، والثواب إنما يطلب على الطاعات. ( إنك أنت السميع ) لدعائنا ( العليم ) بنياتنا.

( ربنا واجعلنا مسلمين لك ) أي : مخلصين لك من : أسلم وجهه لله ، أو مستسلمين لك خاضعين منقادين. والمراد طلب الزيادة في الإخلاص أو الخضوع أو الثبات عليه ، أي : زدنا إخلاصا أو خضوعا وإذعانا لك أو ثباتا عليه ( ومن ذريتنا ) أي : اجعل بعض ذريتنا ( أمة مسلمة لك ). ويجوز أن تكون «من» للتبيين ، كقوله : ( وعد الله الذين آمنوا منكم ) (2) قدم على المبين (3).

وإنما خصا الذرية بالدعاء لأنهم أحق بالشفقة ، ولأن أولاد الأنبياء إذا صلحوا صلح بهم الأتباع ، ألا ترى أن المقدمين من العلماء والكبراء إذا كانوا على

Page 239