ذكر مقتل الامام المستنصر بالله في هذه السنة
معتقدا تمام امر الإمامة فتوجه وعبر الفرات ولم يتمسك ريثما يستطلع الأخبار ويعلم أحوال التتار وظن أنهم قد انتزحوا عن العراق وفارقوا تلك الآفاق على عوائدهم المعهودة منهم وقواعدهم المألوفة عنهم أنهم يخربون ويذهبون ولم يدر أنهم في البلاد ساكنون وبها: كانون فسار على ما هو عليه وجد فيما نهد اليه واتصل بالتتار قدومه لأخذ الثأر فجردوا اليه عسكرا صحبة هولاجو واورداي قادر كوه وقد بلغ عانا فحاربوه حربا عوانا فصابر هم جهده وثبت لصدمتهم وكده ثم تكاثروا عليه وتبادروا اليه فلم يكن له قبل بكثرتهم ولا طاقة بمنعهم لمنعتهم فأخذته السيوف وأدركته الحتوف فمات شهيدا وتولي حميذا وقتل أكثر من كان معه وتفرق العديد بديدا وساء السلطان ذلك مساء كبيرة جدا وتأسف غاية الأسف لو أنه أجدى.
ذكر محاصرة التتار الموصل ومقتل الملك الصالح
الدين اسحق والملك المظفر علاء الدين على فقصده من التتار اورداي المقدم وصحبته قبار نوين وصنداول وجمغار وندان هندو ومن معهم ونزلوا على المدينة فتحصن بها الملك الصالح وأغلق أبوابها فحاصروها مدة تسعة أشهر وكان أهلها يناوشونهم ويهجمون عليهم ويقاتلونهم وينالون منهم وقتلوا من التتار عدة في تلك المدة الا أنهم ضعفوا لعدم الأنوات وانقطاعها وتعذر الأجلاب وامتناعها فحملهم العجز على تسليمها وكان هولاكو قد أرسل يستدعي العسكر النازل عليها لوقعة كانت بينه وبين بركة فسار اليه هولاجو واستمر صنداول على حصار الموصل الى أن تسلمها فدخلها التتار مستأسدين وعتوا فيها مفسدين وقتلوا الملك الصالح بن الرحيم.
Page 68