المنصورة الاسلامية وسار متوجها الى البلاد الشامية واستصحب الخليفة المستنصر بالله معه والعسكر الذي استخدمه له وأرباب الأشغال والدواوين وأصحاب الوظائف الذين رتبهم السلطان معه ليوجهه بهم إلى جهة بغداد واستصحب ولدي الملك الرحيم صاحب الموصل صحبته أيضا وهما الملك الصالح ركن الدين اسمعيل وأخوه ومن معهما ليرسلهما إلى الموصل قصدا منه في تقرير ما تغير من القواعد واعادة الأحوال بدار السلام ومالك الاسلام على العوائد ولما وصل إلى مدينة دمشق نزل بقلعتها وأنزل الخليفة المستنصر في تربة الملك الناصر بجبل الصالحية ولما أجمع على تجهيز الخليفة والملوك المذكورين جرد معهم الأمير سيف الدين بلبان الرشيدي والأمير شمس الدين سنقر الرومي وهما من أكابر الأمراء وأعيان ذوى الآراء وجرد معهما طائفة من العساكر وأوصاهما أن لا يزالا مع الخليفة الى أن يوصلاه الى الفرات فاذا عبر الفرات يقيمان ببره الغربي وبجهة البلاد الحلبية لانتظار ما يتجدد من جهة الخليفة حتى اذا احتاج اليهما أو أرسل من يستدعيهما يبادران اليه بمن معهما من العسكر ولا يدعان أحدا يتوقف عنه ولا يتاخر كل ذلك تشييدا لدعائم الاسلام ورغبة في حفظ نظام الامامة والامام ثم ودعه توديعا جميلا وشيعه ميلا نميلا فخرج الخليفة من دمشق مزاخا عذره مطاعا أمره مجتمع اليه الخدم والحشم وأرباب السيف والقلم بالوطاقات المجملة والآلات المكملة فكان جملة ما أنفق السلطان على تجهيزه من الأموال ألف ألف دينار عيا مصرية وستين ألف دينار فلله دره من ملك ما أعظم" همته وأكرم سجيته وما أشد اجتهاده في الله وعزمته.
ذكر حضور رسل الفرن من الساحل الى السلطان يسألون الهدنة ويلتمسون المنة
الساحل الى أبواب الدهليز على منزلة ماء العوجاء يسألونه الاذن لأصحابهم في الحضور الى أبوابه والتشريف بلثم ترابه فأذن لكند يافا المذكور فحضر فأكرمه السلطان وأقبل عليه وأجاب سؤاله ورسم بتقرير الهدنة له ولصاحب بيروت على القاعدة والتي كانت مقررة في الأيام الناصرية وكتب له منشورا بما في يده من البلاد فقبل الأرض شكرا على هذه النعمة وعاد وكثرت الأجلاب وأمنت السبل وترددت التجار وسلكت السفار واندفعت عن أهل السواحل المضار.
Page 67