لدين الله من العراق إلى الديار المصرية و كان وصوله إلى الباب السلطاني في التاسع من رجب وركب السلطان للقائه في موكب مشهود و محفل محفود وأنزله في القلعة وبالغ في اكرامه وقصد اثبات نسبته وتقرير بيعته لأن الخلافة كانت قد شغرت منذ قتل الامام المستعصم بالله فسر السلطان باتصال أسبابها و تجديد أثوابها واقامة منارها و اظهار شعارها لتكون ثابتة الأساس متصلة في بني العباس كما سبقت الوعود النبوية بأنها خالدة تالدة في هذه الذرية فأحضر الأمراء الأكابر ومقدمي العساكر والوزير وقاضي القضاة ونواب الحكم والفقهاء والعلماء والصلحاء وأكابر المشائخ وأعيان الصوفية فاجتمع المحفل بقاعة الأعمدة بقلعة الجبل المحروسة وحضر الخليفة وتأدب السلطان معه في الجلوس بغير مرتبة ولا كرسي وأمر باحضار العربان الذين حضروا مع الخليفة من العراق فحضروا وحضر خادم من البغاددة فسئلوا عنه هل هو الإمام أحمد بن الظاهر بن الناصر فقالوا انه هو فشهدت جماعة الاستفاضة وهم جمال الدين يحيى نائب الحكم بمصر وعلم الدين بن رشيق وصدر الدين موهوب الجزري ونجيب الدين الحراني وسديد الدين الترمنتي نائب الحكم بالقاهرة عند قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب فأسجل على نفسه بالثبوت فقام قاضي القضاة قائما فأشهد على نفسه بثبوت النسبة فسمى الإمام أحمد باسم أخيه وهو المستنصر بالله وبايعة السلطان على كتاب الله وسنة رسول الله والأمر بالمعروف و والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله وأخذ أموال الله بحقها وصرفها في مستحقها وبعد البيعة له قلد الخليفة السلطان البلاد الاسلامية وما ينضاف اليها وما سيفتحه الله على يده من بلاد الكفار ثم بايع الناس الامام على اختلاف طبقاتهم فتمت له الخلافة وصحت له الإمامة وكتب السلطان الى البلاد بأخذ البيعة له وأن يخطب باسمه على المنابر وتنقش الصكة باسمه واسم الملك الظاهر ولما كان يوم الجمعة سابع عشر رجب خطب الخليفة بالناس في جامع القلعة وفي يوم الاثنين الرابع من شعبان ركب السلطان الى خيمة ضربت بالبستان الكبير بظاهر القلعة وليس الأحبة العباسية وهي الحبة السوداء والعمامة البنفسجية والطوق وتقلد سيفا وجلس مجلسا عاما وقد خلع على الأمراء والوزير وقاضي القضاة وصاحب ديوان الإنشاء الشريف وقرئ التقليد الشريف السلطاني قرأه فخر الدين بن لقمان.
ذكر نسخة التقليد المكتتب عن الخليفة للسلطان
Page 61