============================================================
أما أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن السري الزجاج، فقد كان من أقرب تلاميذ المبرد إليه، وأكثرهم اتصالا به . وصف ابن النديم علاقته بالمبرد قائلا: الزجاج أقدم أصحاب المبرد قراءة عليه، وكان من يريد أن يقرأ على المبرد يعرض عليه أولا ما يريد أن يقرأه"(1) . وما دام وسيطا بين المبرد وتلاميذه الجدد ، فلا بد أن أبا حاتم الرازي قد تعرف عليه، في بدايات استدخاله إلى حلقة المبرد في هذه الفترة. لكن يبدو أن الطابع السلبي هو الذي طغى على علاقتهما، لأن أ با حاتم لم يذكره بالاسم على الإطلاق في كتابه كله . مع ذلك هناك ما يشير إلى أنه استوحى عمله الأولي المبكر في "تفسير أسماء الله الحسنى". كما نقل بعض النصوص النحوية حول تعريف "الاسم" واشتقاقه من كتابه "معاني القرآن"(2). لكنه أغفل ذكر اسمه، ونقل نصه تحت العنوان المغفل "قال بعض اللغويين" . ولعل علاقة الزجاج الطيبة بمؤسسة الخلافة العباسية هي السبب في استبعاد أبي حاتم ذكره الصريح.
ويبدو أن أتباع الزجاج عاملوه بالمثل. فالزجاجي، تلميذ الزجاج المخلص.
الذي بقي ينسب نفسه له حتى في اللقب، أغفل ذكر أبي حاتم في جميع أعماله، ولا سيما في كتابه "اشتقاق أسماء الله"، وإن كانت توجد في هذا الكتاب بالتحديد إشارات واضحة تدل على اطلاعه على الجزء المخصص لأسماء الله في كتاب "الزينة".
ومن ضمن الشخصيات التي تعرف عليها الرازي في حلقة المبرد شخص يكرر ال الإشارة إليه، ويسميه "أبا بكر القارئ". والأرجح أنه أبو بكر الحسن بن العلاف الشاعر الراوية المقرئ (المتوفى سنة 316) ، الذي عرف بقصيدته في رئاء المبرد: مات المبرد وانقضق أيامه وسينقضي بعد المبرد ثعلب(3 وهو أيضا الذي اشتهر بقصيدته في رئاء الهر، التي قيل إنه ورى به عن ابن (1) ابن النديم : الفهرست ص 84 .
(2) يرى محقق الكتاب أن الزجاج بدأ الكتابة فيه سنة 285 ، وانتهى منه سنة 301، أي قبل وفاته بحو عشرة أعوام، انظر مقدمة معاني القرآن 21/1.
(3) سعيد الغانمي : شعر ابن العلاف، مجلة البلاغ، ع1 ، بغداد، 1977، ص 65.
Page 14