============================================================
[قوانين اللغة العربية] وللغة العرب، مع هذا الكمال، فضائل ليست لسائر اللغات، فإن لها قانونا رجع إليه فيها، ومعيارا يعتبر به ، ومقياسا يقاس عليه . فإذا شرد عنهم حرف، أوا اعوج عن سننه، أو اشتبه معناه، رجعوا إلى قانونهم، ووزنوه بمعيارهم، واستعانوا عليه بمقياسهم، فأقاموا درعه، وقوموا عوجه، لكي لا تبطل معانيا الأسماء، فتمحق عن اللغة، وتدرس كما درست عن سائر اللغات. فقد بطلث عن ال الغة الفارسية أسامي أشياء كثيرة، حين غلبت عليها العربية، فلا يكاد يوجد لها اسم بالفارسية، ولا يعرف ذلك الشيء حتى يذكر بلسان العرب، مثل قولهم "الحق" و"الباطل"، و"الصواب" و"الخطأ"، و"الحلال" و"الحرام" ، وغير ذلك مما لم يوجذ له اسم بالفارسية. وهذا الخلل قد دخل على سائر اللغات.
وقد كان لسان العرب فسد، حين تعربت العجم، واختلطت اللغات، ولحن أكثر الناس في كلامهم، فاستدرك ذلك أمير المؤمنين علي صلوات الله عليه فوضع للناس رسما في النحو، فأخذه عنه أبو الأسود الدؤلي، من الدئل وهم رهط من كنانة بن خزيمة، فأسس العربية، وفتح بابها، ونهج سبيلها، ووضع فيها قياسا.
قال عبيد الله(1) بن إبراهيم بن مهدي المقرئ المصري المعروف بالعمري: حدثنا الحسين بن سليمان(2)، قال: حدثنا عمرو بن بكر الوراق(3)، قال: حدثنا ال الأصمعي، قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: جاء أعرابي إلى علي صلوات اله عليه، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، كيف تقرأ هذه الحروف؟ (لا يأكله إلا الخاطون) . كلنا والله يخطو. قال: فتبسم أمير المؤمنين صلوات اللها عليه وقال: يا أعرابي، لا يأكله إلا الخاطئون) [الحاقة: 37]. قال: صدقت واله يا أمير المؤمنين . ما كان الله ليظلم عباده. ثم التفت أمير المؤمنين صلوات (1) في الأصول: عبد الله. وهو أبو القاسم المقرئ البغدادي المصري، عرف بلقب العمري ل لاشتهاره بقراءة أبي عمرو، توفي في مصر سنة 307 . غاية النهاية في طبقات القراء 431/1 .
(2) في غاية النهاية 219/1 : أبو علي الأنطاكي، ولم يزده تعريفا .
(3) في غاية النهاية 520/1 : عمر بن بكير، أبو حفص، روى الحروف عن الكسائي .
Page 104