سار عائدا عبر القنطرة التي أقامها باللوح الخشبي، وهبط من الشجرة إلى قاربه، وجدف عائدا إلى منزله، وصعد إلى السطح وانسل من نافذته ونزل الدرجات القليلة التي لم تكن المياه قد غمرتها، وكان يعرف أن كاثي تملأ الفريزر بأكداس من الأطعمة المجمدة، من اللحوم والخضراوات، فانحنى وأخذ قطعتين من اللحم، وأسرع بإغلاق الباب حتى يحول دون تسريب الحرارة إليه. وعاد إلى السطح فحمل زجاجتي بلاستيك من الماء ووضع ذلك كله في القارب، وهرع هابطا وعاد إلى المنزل حيث كان الكلبان.
وأحسا من جديد بمقدمه ولكنهما كانا هذه المرة بجوار النافذة ورأساهما يطلان من حافتها، وعندما شما رائحة اللحم، وإن كان مجمدا، عادا للنباح المحموم، وذيلاهما يهتزان، فأعاد زيتون ملء إناء الماء فانقضا عليه، وبعد أن شربا كفايتهما عادا لمعالجة اللحم، فظلا يعضانه حتى زال تجمده، وظل زيتون ينظر عدة دقائق، متعبا وراضيا، حتى سمع المزيد من النباح، كانت في الحي كلاب أخرى، وكان لديه فريزر غاص بالطعام، فعاد إلى المنزل ليستعد.
وضع المزيد من اللحم في قاربه وذهب يبحث عن الحيوانات الأخرى التي خلفها وراءه، ولم تكد لحظة تمر على خروجه من منزله حتى سمع صوت نباح واضح، وإن كان مكتوما، صادرا من الموقع نفسه تقريبا حيث وجد الكلبين.
وزاد من اقترابه متسائلا إن كان بالمنزل نفسه كلب ثالث، فأرسى القارب بربطه في الشجرة من جديد، وصعد حاملا قطعتين من اللحم، ونظر هذه المرة من منتصف الغصن إلى المنزل المجاور، من ناحية اليسار، فشاهد كلبين آخرين يتواثبان أمام زجاج النافذة.
فنقل اللوح الخشبي من مكانه الموصل إلى المنزل الأول ومده حتى وصل إلى المنزل الآخر. وعندما رآه الكلبان انطلقا في خبال يثبان في مكانهما.
وما لبث أن فتح النافذة ودخل حتى قفز الكلبان نحوه، ألقى بقطعتي اللحم فانقض الكلبان عليهما وقد نسياه تماما، كان يريد أن يأتيهما بالماء أيضا فعاد بالقارب من جديد إلى المنزل وأحضر المزيد من زجاجات المياه المعبأة وإناء يشرب منه الكلبان.
وترك زيتون بالنافذة فتحة تكفي استنشاق الكلبين للهواء الطلق، ثم سار على اللوح الخشبي مرة أخرى وهبط الشجرة ودخل قاربه، وبدأ التجديف وهو يقول في نفسه إن الوقت قد حان للاتصال بكاثي تليفونيا. •••
وأثناء تجديفه لاحظ أن المياه ازداد تلوثها، فازداد لونها قتمة وزالت شفافيتها، وأصبح يخالطها الزيت والبنزين ويشوبها بعض الحطام والطعام والقمامة والملابس وركام من المنازل، ولكن زيتون كان يتمتع بروح معنوية عالية، ويشعر بالانتعاش بسبب ما استطاع أن يفعله من أجل الكلاب، وبأنه بقي من أجل هذه الحيوانات؛ إذ كان يمكن أن تموت أربعة كلاب جوعا وتستطيع أن تعيش الآن لأنه لم يترك المدينة؛ ولأنه اشترى القارب القديم. كان يتلهف على الاتصال بكاثي.
وعند الظهر عاد إلى المنزل في شارع كليبورن، لم يكن تود موجودا اليوم وكان البيت خاليا. دخل المنزل واتصل بكاثي.
وقالت كاثي: «الحمد لله! الحمد لله الحمد لله الحمد لله! أين كنت؟» كانت لا تزال مع الأطفال في السيارة في الطريق إلى هيوستن، فوقفت على جانب الطريق.
Unknown page