وكان يستخدم تليفونه الخلوي في الحديث إلى كاثي على مدار اليوم. واستعرضا معا ما لا يمكن إنقاذه: قطع الأثاث الضخمة التي كان من المحال نقلها إلى الطابق العلوي. أما خزانات أدوات المائدة وصوانات الملابس فقد خلع منها كل ما يستطيع من أدراج، وحمل إلى الطابق العلوي كل ما استطاع خلعه وحمله.
وابتلعت المياه الخزانات والنوافذ. وظل زيتون يراقب المياه في فزع وهي ترتفع إلى أربع ثم خمس وست أقدام في المنزل، فتغطي صندوق الكهرباء وصندوق التليفون، ومعنى ذلك الحرمان من الكهرباء ومن خطوط التليفون الأرضية أسابيع متوالية.
وعندما حل الليل كان الحي قد غمرته المياه إلى ارتفاع تسع أقدام. ولم يعد زيتون يستطيع أن يهبط إلى الطابق الأرضي. وعندما حلت الساعة السابعة مساء كان قد فعل كل ما يستطيع. فاستلقى على فراش نديمة في الطابق الثاني واتصل بكاثي، وكانت تتجول بالسيارة مع الأطفال، خائفة من العودة إلى المنزل في باتون روج.
وقال لها: «أنقذت كل ما استطعت إنقاذه.»
فقالت: «يسرني أنك بقيت بالمنزل.» وكانت تعني ما تقول. فلو لم يكن بالمنزل لفقدت الأسرة كل شيء.
وتحدثا عما يمكن أن يحدث للمنزل وللمدينة. كان واثقين بأنه لا بد من تفريغ أحشاء المنزل، واستبدال البطانات العازلة للجدران وأسلاك الكهرباء، والبلاستر والألواح المجصصة والطلاء والكساء الورقي للحوائط. لقد ذهب كل شيء، حتى أصغر مسامير التثبيت. وإذا كانت المياه قد ارتفعت إلى هذا الحد في المنطقة العالية من البلدة، فلا شك في أنها ازدادت في الأحياء الأخرى. وطافت بذهنه صورتها، صورة المنازل القريبة من البحيرة والمنازل القريبة من السدود. لم تكن تلوح لها فرصة واحدة للنجاة.
ولاحظ زيتون وهو يتحدث معها أن بطارية تليفونه بدأت تفرغ شحنتها. وكانا يعرفان أن عدم توافر الكهرباء يعني أن نفاد شحنة البطارية سوف يقطع سبل الاتصال الموثوق بها.
وقال: «الأفضل إنهاء المكالمة.»
وقالت: «أرجوك أن ترحل، غدا.»
وقال: «لا لا!» ولكنه حتى وهو يقول ذلك كان يعيد النظر في الموقف. لم يكن يتوقع أن يحبس في منزله فترة طويلة، كان يعرف أن بالمنزل طعاما يكفيه أسبوعا أو أكثر، ولكن الموقف كان به من التوتر ما لم يعمل حسابا له.
Unknown page