Zayn al-ahbar

Gardizi d. 443 AH
95

Zayn al-ahbar

زين الأخبار

Genres

وحينما استقام أمر خراسان ولم يبق قلب أبى مسلم مشغولا بأى شى ء ذهب أبو مسلم للحج مع ثمانية آلاف رجل، وحينما وصل إلى نيساپور تفرق الجميع فى الرى، واصطحب ألف رجل، وقال له وزراؤه: لا تذهب فلن تعود، فلم يعبأ بهذا، وقتل أبو مسلم سليمان بن كثير الذى قام بالدعوة فى البداية لآل الرسول صلى الله عليه وسلم. ولما ذهب إلى الحج وصل إلى أبى العباس السفاح فعرف أبو العباس له فضله فأمر بإكرامه، ولما وفد عليه أحسن سؤاله. ومات أبو العباس السفاح أثناء حج أبى مسلم، فى ذى الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، وتولى الخلافة أخوه المنصور.

ولما رجع أبو مسلم من الحج أرسله المنصور لحرب عمه عبد الله بن على فهزمه أبو مسلم، وغنم أمواله، وأسر جمهور بن مرار عبد الله بن على فى هذه الحرب، وأتى به إلى أبى مسلم، فأرسله أبو مسلم إلى المنصور فحبسه حتى آخر عهده.

ووصل إلى سمع المنصور كل ما جرى على لسان أبى مسلم فأخذ يتحين الفرصة لقتله، وعند ما عاد أبو مسلم من الحج قالوا له: إن فى الحرة 37 رجل نصرانى عمره مائتا عام، وعنده العلم بكل شى ء فدعاه أبو مسلم إليه، وحينما رأى العجوز أبا مسلم قال:" لقد فعلت الكفاية، وأوصلتك العناية إلى الكمال كما أبلغتك إلى النهاية فأحرقت نفسك وبددت جهدك وعملك، وسترى حتفك بعينيك" فاغتم أبو مسلم.

فقال له العجوز:" لم يختل الأمر من شدة حزمك ولا من صائب رأيك، ولا من سديد تدبيرك، ولا من سيفك البتار، ولكن لا يكاد الإنسان يصل إلى كل رغباته إلا ويدركه الزمان وقد حقق بعضا من المراد" فقال له أبو مسلم: ماذا تظن؟ وإلى أين وصل الأمر؟ فقال العجوز:" حينما يتفق خليفتان على أمر سيتم هذا الأمر، وسيكون التقدير بيد من يكون تدبيره باطلا، وستسلم إذا ذهبت إلى خراسان، وأراد أبو مسلم أن يرجع فأرسل المنصور إليه رجالا (قائلين له): عجل بالمجى ء. فحم القضاء، ولم يتدبر أبو مسلم ولم يتبصر، وسأل أحدهم: ما تظن أنه فاعل بى؟ فقال: خيرا، ولن تكون مكافأة ما فعلته لهم سوى الخير. فقال أبو مسلم: إنى أعتقد غير هذا.

Page 183